صلاح العتيقي يكتب.. البصمة الوراثية
زاوية الكتابكتب نوفمبر 18, 2017, 12:04 ص 788 مشاهدات 0
القبس
البصمة الوراثية
د. صلاح العتيقي
البصمة في اللغة هي العلامة، كبصمة الإصبع. والوراثة هي علم يبحث في انتقال الصفات للكائن الحي من جيل إلى آخر. وقد ظهرت البصمة الوراثية بعد اكتشاف الحمض النووي (DNA)، وهو الذي يميز كل شخص عن الآخر. إذاً البصمة الوراثية هي فحص مخبري يحدد هوية الانسان وصلته بمن تسبب في وجوده. إذاً هي تحقق الوالدية البيولوجية، والتحقق من الشخصية، وهي لا تخطئ في التعرف على الشخص، ولذلك لها حجية في إثبات النسب. بعد هذه المقدمة هل نحن بحاجة إلى هذا الفحص؟ وجوابي الشخصي: «نعم».
لعدة أسباب، أولها ديني، حيث إن الله سبحانه وتعالى قد حرم ادعاء الانسان إلى من لا ينسب إليه، ولا يجوز لهذا الحق أن يُباع أو يُشترى أو يوهب، وهو حق للعبد، يعرف من خلاله ذويه، وأهله وما له من حقوق عليهم وحقوق عليه، وفي صورة الأحزاب شدد الله سبحانه وتعالى على هذا المفهوم، حين قال: «ادْعُوهُمْ لآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ». ثاني هذه الأسباب هو أن البصمة الوراثية بإمكانها تصفية الكثير من الادعاءات التي نواجهها بالبنوة نتيجة لعبث البعض في ملفات الجنسية بادعاءات باطلة. ثالث هذه الأسباب استعمالها في العلاج؛ لأنها نوع من التحليل يقوم به الطبيب اذا رأى أن لذلك داعياً للتشخيص والعلاج، وأخيراً هي مساعدة أكيدة للعدالة في أداء رسالتها.
لقد كان هناك قانون أقره مجلس الأمة وأبطلته المحكمة الدستورية بادعاء أنه ينتهك خصوصية البشر، وللقضاء المصري رأي في هذا الموضوع، عند التنازع واثبات النسب، ففي قضية ممثل حكمت المحكمة بإجراء فحص البصمة الوراثية، بعد أن أنكر الممثل علاقته بالفنانة التي كانت تساكنه وأنجبت طفلين توأم في هذه الفترة، حيث أنكر الممثل أبوته لهذين الطفلين، وحين رفض فحص الـ DNA لخوفه من افتضاح أمره، حكمت المحكمة بإلحاق الطفلين به، حيث إن رفضه للفحص أعطى المحكمة ذريعة وقرينة على أن له علاقة بالفنانة مدة تكفي لأن تحمل منه.
وللمنظمة الاسلامية في العلوم الطبية في الكويت رأي آخر، هو اعتبار هذا الفحص في حكم القيافة ولا يُعمل به إلا في حال التنازع مع تساوي الأدلة. وقالت إن الامر بحاجة إلى المزيد من الدراسة. وفي بعض الدول اعتبرت المنظمات الحقوقية والإنسانية هذا الفحص اعتداء على خصوصية الانسان، لذلك هي لا تحبذ تطبيقه، إلا على الأدلة الجنائية.
تعليقات