أعينوا الكويت - يكتب خالد الفضالة

زاوية الكتاب

'أصبحنا نعيش اليوم أسرى في ظل نظام دستوري فاقد للصلاحية'

كتب 875 مشاهدات 0


اعينوا الكويت

نواجه خلل رهيب بنظامنا و شكلناالسياسي. ولا مجال اليوم بكل امانة وصدق ان نكرر نفس التجربة للمرة الـ ٣٥(عدد الحكومات ٣٤ منذ عام ١٩٦٢ الى٢٠١٧) ونتوقع حالمين ان تكون الحكومةالقادمة خيراً من السابقة. ولا مجالاليوم ان يكون المجتمع مجرد متفرجومتذمر، وحان الوقت ان يأخذ المجتمعمكانه الصحيح كصاحب السيادة ومصدر جميع السلطات وان يبدأ تحاوروطني “مجتمعي” لخلق وعي جماعيلانتشال الوطن من مستقبله المظلم.

إن المصارحة و مواجهة مكامن الخللعناصر اساسية في طريق الحل. ودونهاسيبقى المجتمع يلتف على نفسه ويكررذات التجارب بذات النتائج المريرة.ودون المصارحة ومواجهة مكامن الخللسيكون تشخيصنا للوضع سطحيوعلاجنا للإفرازات وليس للمسببات.

أولاً، فإن أهم مكمن للخلل هو عدمتطوير الدستور و تعديله لمزيد منالحريات كما قصد و أراد آبائناالمؤسسين بعد مرور خمس سنوات علىالعمل به. وقد ذكر الآباء المؤسسين ذلكصراحة في المذكرة التفسيرية للدستوربضرورة مرور الحياة الدستوريةالجديدة بفترة تمرين على الوضعالجديد تمهيداً لاعادة النظر في الدستوربعد السنوات الخمس الاولى و هذا ما لميتم. مما نتج عنه دستور منتهيالصلاحية بعد مرور ٥٠ سنة على عدمتطويره.

ثانياً، فان المزج بين النظامين الرئاسيوالبرلماني المعمول به لدينا سبب تداخلاًوتعارضاً لا مثيل له في الانظمةالسياسية الحديثة. فحالة الاحتقانوالجمود السياسي ترجع لهذا السببتحديداً. فلا نحن نظام رئاسي يُنتخب بهالرئيس (كالولايات المتحدة مثلا) ويأتيعبر برنامج انتخابي و يحاسب عليه منالبرلمان. ولا نحن نظام برلماني ينتخباحزاب سياسية (المانيا او بريطانيا مثلا)يأتي عبر فكر ورؤية سياسية ثم يشكلحكومة تنفذ البرامج وتحاسب عليها.

ثالثاً، لا يستقيم والمنطق ان يكونالعنصر الوحيد لإختيار رئيس الوزراءجيني بحت. ولا العقل يقبل ان من بيدهرئاسة الحكومة ومسؤولية إدارة مصالحالشعب قد اتى بلا فكر سياسي اوبرنامج اصلاحي او رؤية مستقبلية سوىانتمائه لأسرة الصباح الكريمة. فمن غيرالمعقول بعد ذلك ان نتأمل تقدماً حقيقاًوإزدهاراً ملموساً. ولا يستقيم والمنطقايضاً ان يقدم الوزراء برامجهم الىمجلس الأمة “فور تشكيل الحكومة” واغلب هؤلاء الوزراء تم اختيارهمبساعات قبل اعلان تشكيل الحكومة.وعادة ما يكون سبب اختيارهم لا علاقةله اصلاً ببرنامج. والملاحظ انه و خلالالـ ٣٠ سنة الماضية فإنه اغلب اعمالالسلطتين اقتصرت على معالجاتللمشاكل ولم تطرح خطة وطنية طموحةوواعده تكون بمثابة مشروع وطن يلتفحوله الجميع ويسعى الجميع لتحقيقة.

رابعاً، تنفرد الكويت دون مثيلاتها منالدول الديمقراطية بنظام برلماني يشجععلى نجاح الافراد بدل من دعم العملالجماعي المنظم. فلا غرابه حين يتشكلالمجلس من ٥٠ فكر (ان صح التعبير) و٥٠ برنامج و ٥٠ رؤية (او بلا رؤية).والأخطر فان شكل النظام البرلماني لدينايعرّض النواب للابتزاز السياسي عبرتقديم الخدمات الحكومية للمرضي عنهموذلك سعياً لضمان نجاح اكبر قدر ممكنمن نواب الخدمات والموالين للحكومة.

خامساً، يجب على الاسرة الحاكمةالكريمة ان تعي انه حين نصارحها عنحال البلد ودورهم فيه فهو لأننا نريدالخير للكويت ولشعبها ولهم. انمصارحتنا لهم هي من باب حبنا لهم دوننفاق واحترامنا لمكانتهم دون تملقوتقديرنا لدورهم دون رياء. لذلك فإنمصلحة الاسرة الحاكمة لا تكمن بقصائدالمدح ولا بكلمات التزلف ولا بالأغاني ولابالصور المعلقة ولا من خلال تسميةالطرق والمناطق إنما من خلال مصارحةالاسرة الحاكمة الكريمة القول ومعاونتهمعلى الحق والإشارة إلى مكامن الخلل.ولا يجود خطر اكبر على الاسرة الحاكمةغير انقسامها على نفسها. فلا تكاد تمرعلينا أزمة سياسية او اجتماعية اورياضية الا وتناقل الناس اسماء بعضأبناء الاسرة ودورهم في تلك الأزماتوكيف ان أساس تلك الأزمات هو صراعشيخ ضد شيخ. بل وصل الحال انيتبادل الناس الحديث كيف ان هذاالاستجواب الموجه ضد شيخ هوبالإيعاز من شيخ اخر. ويتبادل الناسالحديث أيضا عن محسوبية مجموعةمن النواب لبعض الشيوخ، وكذلك الحالمع اغلب المناصب القيادية في الدولةمثل الوكلاء وغيرهم. وعموماً 'لا دخانمن غير نار' ولكن ما يقلقنا حقاً هو انالنار 'تأكل بعضها ان لم تجد ما تأكله'.فحالة الانقسام والصراعات الداخلية بينأبناء الاسرة لم تعد خافيه للناس ويجبعلى أبناء الاسرة الكرام ان يبادروا بحلتلك الأمور لان وحدة وترابط أبناءالاسرة الحاكمة عنصر استقرار مهموينعكس إيجاباً على المجتمع وأمنهوتقدمه.

وأخيراً، ان الفساد دمار للبلاد والعباد.والتاريخ يخبرنا عبر صفحاته انه ما منحضارة أو دولة أو حتى قرية دامتوهي فاسدة. وللاسف ان الفساد لدينا لميعد محصور باشخاص او مؤسساتبعينها بل لا ابالغ حين أقول انه اصبحصفة لصيقه لأغلب مؤسسات الدولةوشخوصها. فقد وصل الحال ان يكونالمصلح النظيف عمله نادره واستثنائيةبدل ان يكون هو القاعدة الاساسية. وقدتولد شعور عام لدى الكثير ان اغلبمؤسسات الدولة وهيئاتها تدار من قِبلشخوص غير اكفاء نخر بهم الفسادوتحول عملهم الى منفعي ومصلحيخاص. وبالرغم من ذلك كله الا ان مايقلقني حقاً هو أمرين. الاول ان هناكمشروع تدميري يسعى بشكل حثيث الىافساد المجتمع وإيقاعه بمنزلق عدماحترام القانون وتقبل كسره وإفساداخلاقه ليكون المجتمع كله مشاركبالفساد وذلك كله حتى يكون الجميعمنغمس بالفساد ليسهل بعد ذلك تبريرعمل المفسدين الكبار. اما الامر المقلقالثاني هو انه بالعادة من يدير المشهدفي الدولة الفاسدة 'دولة عميقة وخفيه'اما لدينا فالمفسدين بالصفوف الأماميةيجاهرون علناً بفسادهم دون خجل اوخوف من عقوبة بل والاسوء انهميرتدون ثوب العفة والصلاح والاخلاصوما هم بذلك.

ان زمن المجاملات والترف السياسي قدانتهى منذ حين، واصبح امامنا اليوماستحقاقات لا يمكن تأجيلها. وبالمقابلفإن تأجيل الحلول او المماطلة بها اوالقبول بأنصافها ليس حلاً ابداً. ولا يمكنايضاً بأي حال ان يكون مسببي الخللجزء من الحل. ويجب اولاً ان يقرالمجتمع بلا جزع او تردد بمكامن الخللثم يبدأ نقاشاً مجتمعياً شاملاً حتى يصلالى اتفاق وطني جامع ينتشل الكويتمن عثراتها الدائمة وينقلها الى مستقبلاكثر تقدماً و استقراراً.

فمن غير المقبول اليوم ان نظل اسرىلشكل دستوري فاقد للصلاحية ونظامسياسي هجين يزيد مشاكلنا ولا يعالجها.ومن غير المقبول التعلل بالاوضاعالاقليمية حولنا. فالكويت ومنذ نشأتهاتعيش في اقليم ملتهب بل ان الكويتالحديثة ومنذ عهد المغفور له باذن اللهالشيخ عبدالله السالم الصباح وهيتعيش باضطراب اقليمي مستمر (ناهيكعن الحرب العراقية الايرانية و الغزوالعراقي الغاشم للكويت وحرب تحريرالعراق…الخ) وغيرها من مشكلاتواحداث مستمرة. فالدولة لم تتوقفبالسابق ويجب أن لا تتوقف الان بلالعكس، الوضع الاقليمي يحتم عليناالتقدم والتطوير والازدهار ودفع التنميةوايضاً يحتم علينا مكافحة الفسادوملاحقة المفسدين وايضاً يحتم عليناالاصلاح الحقيقي و وضع القوي الامينرجالاً او نساء في قيادة الادارة التيتحقق الحكم الرشيد لكي يتحققالاستقرار والطمأنينة الداخلية واللذانيشكلان اقوى سلاح في مواجهةالاخطار والتحديات الاقليمية. وفي ظلذلك كله فمن غير المقبول ايضاً ان تنتهجالسلطة قمع الآراء وسجن كلمة الحقمهما قست وشدت وغير مقبول المماطلةفي رد الجناسي المسحوبة ظلماً وجوراًوغير مقبول الاستمرار بالقوانين الرجعيةوالقمعية التي تقيد الفرد او الجماعة اوحرية التعبير والاطلاع او التجمع.

اعينوا الكويت لأنه لا معين لها بعد اللهسبحانه إلا أبنائها. اعينوا الكويت لأنها ارضنا الوحيدة وبيتنا

كتب - خالد الفضالة

تعليقات

اكتب تعليقك