أفضل طريق لتأهيل المواطن الكويتي هو أن يتولى طرف محايد أو خارجي عملية التأهيل.. برأي عبد اللطيف الدعيج
زاوية الكتابكتب نوفمبر 5, 2017, 1:34 ص 500 مشاهدات 0
القبس
الانعتاق من الهيمنة الريعية.. كيف؟ (4)- «التوفيد» إصلاح الإنسان
عبد اللطيف الدعيج
إصلاح الانسان أو إعادة تأهيل المواطن الكويتي ستكون صعبة، وربما مستحيلة. ولكن من الممكن التعامل معها؛ أي الصعوبة، إذا استوعبنا أسبابها وتعرفنا على مكنوناتها، عندها سيكون ممكناً وربما سهلاً أيضاً تخطيها والقفز عليها.
هذا يذكرني، هذه الأيام، بمحاولة حكومة الكويت إعادة تأهيل المنتمين لـ«داعش» من خلال وزارة الأوقاف والمؤسسات الحكومية الأخرى.
سؤال سطحي وساذج: أليست حكومتنا، حكومة دولة الكويت، أيام رشدها -الذي ما زال مستمراً-، أليست هي التي غضت النظر عن الإرهاب؟! أليس مسؤولوها ووزراؤها وموظفوها من امتدح ولا يزال يمتدح أهل الخير والجهاد الإسلامي ونشر الدعوة في كل مكان؟! كيف يعالج العليل عليلاً..؟! والأعجب من هذا أن حكومتنا التي تستقبل من حارب دولاً صديقة وشقيقة بالأحضان.. هي الحكومة ذاتها التي تعتقل وتسجن من أبدى رأياً في هذه الدول..! الأفضل أن أصمت، فالحكومة ومسؤولوها «على طريف» في رفع الدعاوى هذه الأيام.
أنا أعتقد أن أفضل وأسهل طريق لتأهيل المواطن الكويتي هو أن يتولى طرف محايد أو خارجي عملية التأهيل، حتى لا نعيد خطأ الحكومة في ترك العليل يعالج العليل. وذلك من خلال «خصخصة المنشآت والشركات الكويتية»؛ أي منح إدارتها والسيطرة عليها للشركاء الأجانب.
تحديداً «توفيد» الشركات على عكس تكويتها. إذا آمنا وصدقنا بأن عملية «التكويت» التي راجت في الستينات أو بعد تزوير الانتخابات، كان محركها «ريعياً» والهدف منها تنفيع المقربين وشراء ولاء المعارضين، فإن «التوفيد» يصبح تصحيحاً وإعادة تأهيل لما جرى هدمه أو العبث به. أعلم أن الدعوات الحالية هي لتقليص الوافدين والتخلص منهم.. لكن أعلم بشكل أوثق بأن من يطرح هذا «الهذيان» هم سبب تواجد هذا الكم الهائل من الوافدين، وهم سبب استمرارهم.. هم لا يطرحون الاستغناء عن الوافدين بقدر ما يطرحون مضاعفة اضطهادهم وتحميل من يتبقى منهم طاقة من يُستبعد.. أو يستعبد لا فرق.
خصخصة الشركات ومنح الإدارة للأجانب هو الحل للارتقاء بالمواطن الكويتي الذي سيكون عليه التنافس معتمداً على قدراته وعطائه وليس على جنسيته أو عائلته أو أصواته الانتخابية كما هو الحال الآن. عدا ذلك سنكون مثل حكومتنا التي تترك لمشايخ الأوقاف تأهيل الدواعش.
ولشيوعيي الكويت واشتراكييها ولكل مدعي المحافظة على المكاسب الشعبية المزعومة فيها، الرجاء ملاحظة أنني دعوت إلى خصخصة الشركات والمنشآت، وهي التي، إلى حد ما، ينعدم تواجد المواطن الكويتي فيها. فرجاء أكرمونا بسكوتكم ومعارضتكم التي لا معنى ولا مبرر لها. فالخصخصة هنا بالكاد ستؤثر سلبا في عمل أي مواطن كويتي. وإن تواجد فيها الكويتي فهو بالفعل المواطن العامل والمنتج الذي يجب أن يكافأ ويُرفع من قدره قبل راتبه. حالياً نحن نكافئ الكتبة وأصحاب الكراسي والطاولات «مع خالص الاحترام»، بينما نهمل الفنيين وكل العاملين في المهن الشاقة.
في بداية السبعينات كنت في حديث مع أحد الخريجين «الطازة»، فقال أثناء الحديث إنه مصنف على أنه من كبار موظفي الوزارة. استغربت –سبب الاستغراب أنني لم أعمل في مؤسسة حكومية حتى الآن- وسألته كيف يكون من كبار موظفي الوزارة، وهو المتخرج منذ أيام فقط! قال بفخر أنا درجة رابعة.. وكل من هو درجة رابعة وما فوق، هو من كبار موظفي الوزارة. هذا يعني أننا كنا، وما زلنا، مع الأسف نوظف «الشهادة» وليس الإنسان.
إذا شئنا بالفعل إعادة تأهيل المواطن الكويتي فعلينا أن نغير من نظرتنا للعمل وللعمال. وأن نفرق بين الوظيفة أو المهمة ومن سيقوم بها. حالياً نحن، وتحت تأثير تراثنا وتقاليدنا القديمة، نحتقر العمل أو التصنيع بشكل خاص. بينما نكن الاحترام والإجلال للقيادة والإشراف؛ أي القعود على الكراسي ومراقبة العمال الفنيين الذين يكدون ويجتهدون تحت إمرة من هو متربع في كرسيه. آن الأوان لأن نضع الفنيين والعاملين في المهن الشاقة في أعلى سلم الرواتب والدرجات. صاحب الدكتوراه، سواء المزورة كالعادة أو الصدقية، يستطيع أن يتمتع بالراحة واليسر الذي توفره له شهادته أو معرفته إن كان بالفعل صاحب معرفة. لكن يجب ألا يجمع الاثنتين، الراحة وأضعاف الراتب. الشرطي الذي نطالبه بأن يتصدى لسَموم الصيف ولهيب الشمس يجب أن يُفضَل، أو على الأقل يتعادل مع المدير أو الرئيس القابع تحت التكييف في مبنى الوزارة. وكذلك الأمر مع كل الفنيين الذين يُحرمون في بعض الأحيان من التقاط أنفاسهم تحت زحمة العمل.
تعليقات