سارة الدريس تكتب: حق الكويتية .. في منح الجنسية

زاوية الكتاب

كتب 5173 مشاهدات 0


لا يتصور أنه بعد ما يقارب الستون عاما من الممارسة الديمقراطية في الكويت لا زالت هناك فئة في المجتمع مهضومة الحقوق ، و يؤمن ما يزيد عن نصف المجتمع بمشروعية التمييز الممارس ضدهم و تبريره دينيا! ..

و لا يتصور أنه بعد ما يقارب 12 عام من إقرار حقوق المرأة السياسية لا زالت المرأة لم تمكن من إيصال من تطالب من اقرار حق الكويتية في منح الجنسية لأبنائها ، و لا ممن يغازلها من الرجال إبان فترة الانتخابات!

الحب.. الرابطة الأسمى و الأعلى قداسة على الإطلاق ، التي تتخطى كل الحدود و تتغلب على كل الظروف و تسحق كل الاعتبارات ، ماذا لو وجدت هذا الحب و رغبت بتتويجه بالشراكة الأبدية الشرعية ، ماذا لو طلب رجل مثقف ، تقي ، كفئ ،
محترم ، متعلم ، و يعمل بشرف اختك للزواج بعقد مقدس و طرق البيت من بابه و كان غير كويتي؟ ، لكن اصطدمت هذه العلاقة المحترمة بقوانين ظالمة في مجتمع لازال يقيم للبدائيات وزنا و تخلف عن ركب العالم الإنساني ، انقتل العلاقة؟ ، أم نعدل القوانين؟

حين يرغب رجل بالزواج من أجنبية لا يجد كل العقبات التي تقف عثرى في طريق المرأة ، يحق للرجل أن يمنح للجنسية لتلك التي عاشت جل عمرها في بلد آخر خلال بضع سنوات ، بينما لا تمنح الكويتية الجنسية لأولادها الذين ولدوا على أرض الكويت و لأم كويتية ، و هي الأم الأساس الذي يربي الأبناء ، تمنح الجنسية لتلك التي جاءت من ثقافة مختلفة و تتحدث بلغة مختلفة وتنشئ أبنائها على تعاليمها ، بينما تحرم الكويتية ابنة هذا البلد ، التي تربي أبنائها على عاداته و تقاليده ، رغم أني أؤمن دائما أن صاحب العقل و الأخلاق أولى، لكن أي الأولاد أولى وفق معاييرك؟ ، تأمن المجنسة 'ولا أنتقص منها' أو تأمن الكويتية؟

كثير من الدراسات تبين أن نسبة غير المتزوجات في الكويت من سن 25 الى 65 تزيد عن 30% ، هل يعقل أن نحرمهن من الزواج و الانجاب حتى تنتظر فارس الاحلام الكويتي المناسب؟ ، كما أن نسبة الطلاق في الكويت تفوق 40% و بالتالي فهل نجبر هؤلاء المطلقات على ان يكررن تجربة الزواج مرة أخرى فقط مع الزوج الكويتي حتى لا يحرمن أولادهن من الحياة المستقرة الاجتماعية و المدنية 'مقتبس/الانباء'

تنويه ، و حتى لا يصاب القارئ بحالة هلع و رفض تام لمقالي ، أنا لا أؤيد منح الجنسية لزوجة الكويتي ، ولا لزوج الكويتية ، لكن الأبناء شأن آخر ..

تنص المادة 29 من الدستور الكويتي على أن ' الناس سواسية في الكرامة الإنسانية ، و هم متساوون لدى القانون في الحقوق و الواجبات العامة ، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل ، أو اللغة ، أو الدين ' ، لفظ مواطنون يشمل الذكور و الإناث ، و ضع مئة خط تحت كلمة الجنس ، و أي مفاضلة أو انتقاص من أ
ي نوع يوقعك في التمييز ، القوانين وجدت لتنظيم حياة البشر ، و يجب أن تواكب تطور حياتهم و تطور ظروفهم و متطلباتهم ، و ضوابط القانون يجب أن لا تنسف أصل القانون ، و القانون القاصر المعيب يجب أن نغيره لا أن نسكت عنه

حين تتزوج امرأة كويتية من أجنبي تفقد حقها في السكن و علاوة الزوجية و علاوة الأبناء ، على عكس الرجل الذي يأخذ حقه كاملا و يعيش حياة كريمة مع زوجته الأجنبية ، ألا يعد هذا تمييز على معيار الجنس؟ ، حين تعطى حقوق كاملة و مواطنة كاملة لمواطن و تنتقص من المواطن الآخر لمجرد الاختلاف في الجنس ألا يعد هذا ظلما و مخالفة واضحة و صريحة للدستور الكويتي ، بل و ينافي كل قيم العدالة في المساواة بين الأفراد و حقوقهم، و كل الاتفاقات الدولية التي صادقت عليها الدولة و في مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الانسان و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية و اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة 'سيداو' و اتفاقية حقوق الطفل

الطريف في الأمر أنه تنص مادة 5 من قانون الجنسية على انه 'يجوز منح الجنسية الكويتية بمرسوم – ثانيا: المولود من أم كويتية ، المحافظ على الإقامة فيها حتى بلوغه سن الرشد إذا كان أبوه الأجنبي أسيرا أو قد طلق أمه طلاقا بائنا أو توفى عنها' ، هنا و كأن المشرع يقبل أن تشتت أسرة كاملة في سبيل الحصول على حق مشروع ، و قد يلجأ البعض اضطرارا لطلاق صوري و عمل عقد آخر غير رسمي ، لماذا نلجئ الناس لهذه الخيارات؟

و المضحك إلى حد البكاء تنص المادة 3 من قانون الجنسية أنه 'يجوز منح الجنسية لمن ولد في الكويت أو في للخارج من أم كويتية و كان 'مجهول الأب' و لم تثبت نسبه إلى أبيه قانونا' ، في الوقت ذاته لا يجوز منح الجنسية لكويتية أنجبت أبناء في الحلال و تحت رابط شرعي!

قد تعارض فئة بسبب التبعية بالنسب ، و لا أعرف ما علاقة الجنسية بالنسب ، الجنسية و ما تبعها من حقوق هي حقوق مدنية ، أكرر الجنسية 'حق مدني' ، الابن سيبقى منتسبا لأبيه ، لن يتغير اسمه ، و بما أن المواطنون متساوون في الحقوق فعليه يجب أن أساوى في حقي المدني مع اخي الرجل، و انا مواطن كامل الأهلية و عليه يجب أن أكون كامل الحقوق ، و في بلد الإنسانية يجب أن يعامل الإنسان كإنسان دون التمييز بناء على جنسه البيولوجي ، انا إنسان مستقل لي عقل إن كنت لا تعرف ، و لي كيان ان كنت لا تدري ، توقف من فضلك عن اعتبار المرأة تابع لزوج و أي مخلوق على وجه البسيطة

أما عن ازدواجية جنسية الابن بين جنسية أمه و جنسية أبيه ، فإن القانون أساسا يمنع ازدواجية الجنسية و عليه فإن الحل بسيط جدا ، بعد سن الرشد يتم تخيير الابن بين احدى الجنسيتين و يتنازل عن الأخرى بعد مده معينه يحددها القانون

يقول أحدهم 'تزوجت وافد تروح تعيش في بلده!' ، على اعتبار أن الوطن ملك خاص له يحدد من يعيش عليه و من يخرج منه ، عزيزي كل النساء لهن حق في هذا الوطن كما لك تماما ، غير زائد ولا منقوص ، كيف تشرعن لنفسك أن تتزوج اجنبية و تعيش بكامل حقوقك بل و تجنسها ، بينما على الكويتية التي تساويك في المواطنة أن تترك بلدها و ترحل ، اتعرف السبب؟ ، لأنه لازالت لديك تلك النظرة الدونية المتخلفة التي ترى المرأة سقط متاع و تابع ، طور أفكارك عزيزي الرجل فالعالم المتحضر تجاوزك بمراحل ، ثم لماذا تدفعها ثمن زواجها من غير الكويتي و كأنها ارتكبت خطيئة فادحه و عار عليها ان تتحمل نتائجه ، يجب احترام حق المواطنة الكويتية في أن تختار شريك الحياة الذي يناسبها كما للرجل هذا الحق ، و يجب توفير سبل لعيش الكريم و الأمان النفسي لها و لأولادها و حفظ كرامتها الإنسانية

قبل الأخير ، عزيزتي .. نائب مجلس الأمة لا يعرف دورك الا وقت الانتخابات ، يتغنى بك اخت الرجال لكن عند حقوقك 'ينطرم' تماما ، اختاري من يؤمن بحقوقك و مساواتك لا من ينافقك و يتذكرك ابان الانتخابات فقط

أخيرا .. يقول ' محد قالها تتزوج غير كويتي!' ، بربك تقبل لنفسك أن تتزوج من مشارق الأرض و مغاربها و تريد منها أن تنتظر قطارك أن يمر بها على حين غفله بعد ما تكون زهرة العمر قد ولّت يا سليل نابليون؟!

خاتمة .. قال رسول الله 'ص' : 'ابن اخت القوم منهم' ، صحيح البخاري

سارة الدريس

@saraaldrees

[email protected]

الآن - سارة الدريس

تعليقات

اكتب تعليقك