هل حقا أن سفر معظم الكويتيين يحقق تفريج الهم ويؤدي للراحة والاسترخاء والاستمتاع بالسفر؟.. يتسائل محمد المقاطع
زاوية الكتابكتب سبتمبر 5, 2017, 11:54 م 463 مشاهدات 0
القبس
الديوانية- متعة السفر وتجديد النشاط
د. محمد المقاطع
لا شك في أن السفر صار ظاهرة تلازم الكويتيين، على الرغم من أنها حالة إنسانية، ولكن الكويتيين تميزت ظاهرة أسفارهم بالتعدد والتنوع والالتقاء في الغربة، بل إنهم جابوا بقاع العالم منذ القدم بأسفارهم التجارية والبحرية، إلى أسفارهم السياحية والترويحية والدراسية منذ أربعينات القرن الماضي وحتى اليوم، ولديهم قدرة فائقة على اطلاع الآخرين على تجاربهم في السفر، وهو ما تولدت عنه ظاهرة أخرى هي تقاطر الكويتيين وتجمعهم في بلدان وبقاع محددة في العالم، كما هي الحال في تجمعهم بلبنان في مناطق الجبل، التي كانت مركزاً لأسفارهم وتجمعهم، وقد اشتهر عنهم تجمعهم في دول محددة ومناطق معينة وصار ظاهرة ملحوظة.
والسفر بكل أبعاده حاجة إنسانية مهمة ومفيدة، ولعل وصف الإمام الشافعي لها بشعره الشهير دلالة واضحة، حيث يقول:
تَغَرَّب عن الأوطان في طلب العُلا.. وسافر ففي الأسفار خمسُ فوائد
تفريجُ همٍّ واكتسـابُ معيشـة.. وعلـــمٌ وآدابٌ وصُحبـةُ ماجــــد
ولعل تفريج الهم، وهو ما نطلق عليه سفر السياحة والاستجمام وطلب الراحة، هو الغاية الأساسية من معظم أسفار الكويتيين، وهناك أيضا سفر العلاج والتداوي، ونسأل الله الشفاء لكل المرضى، ولكن السؤال: هل حقا أن سفر معظم الكويتيين يحقق تفريج الهم ويؤدي للراحة والاسترخاء والاستمتاع بالسفر؟
في تقديري الشخصي الإجابة هي لا، فطبيعة أسفار الكويتيين تجدها خالية من المتعة في معظم مراحلها، بدءاً من التحضير للسفر، الذي يعيش أصحابه بقلق وهم ترتيبات السفر، وغالباً ما يؤدي إلى التوتر داخل الأسرة، وهو عكس المقصود من السفر، ثم تجد هم وقلق البرنامج المزدحم، ومحاولة عمل العديد من الفعاليات والبرامج، التي يؤدي تعددها وتلاحقها إلى حالة من الإرهاق والتوتر بدلاً من الاسترخاء والمتعة، والتسابق والتنافس في مظاهر اللباس، كما تأتي ظاهرة التسوق المرهق بدنياً، وكأن الهدف من السفر هو ذاك. أما الأبناء، فغاية سفرهم هو الترفيه الملح والمستمر، الذي بدوره يشكل إرهاقاً ومللاً للأهل، وتصبح العودة للديرة مطلباً ملحاً. أما متعة السفر الحقيقية، التي أشار إليها الإمام الشافعي بتفريج الهم وكسب المعرفة، فهي غاية غير متحققة، بل ليست مرجوة، وليس مخططاً لها، على خلاف النمط الذي نراه في سفر الغربيين، حيث الاسترخاء والمتعة غايتان أساسيتان في أسفارهم، واكتشاف مناطق جديدة لهذه الغاية، ومن هنا نجد سفر الكويتيين إلى المدن الرئيسية والعواصم بدلاً من المناطق السياحية والأرياف.
ففي بريطانيا، تجد أن الريف الإنكليزي متميز في بث الإحساس بالهدوء والراحة، بل وفي تنوع أبعاد الطبيعة فيه، مليء بالخضار والأنهار والبحيرات ومناظر الطبيعة الخلابة من غابات وغيرها، ولكن على الرغم من التردد الكبير للكويتيين على بريطانيا ومثلها أوروبا، فتجد أنهم لا يستمتعون بهذا الريف، فهم يرتادون الفنادق الكبيرة والقهاوي والأسواق والتجمع في ما بينهم، كما لو كانوا في الكويت، وتلك الأمور ليست حالة خاطئة، ولكنها حتماً تفوت متعة السفر والاستمتاع وتجديد النشاط وكسر روتين الحياة، إذ إن أجواء الطبيعة الخلابة هي التي تعيد الشخص مسترخياً ومجدداً حيويته، التي أنهكها العمل أو الالتزامات الاجتماعية أو الروتين الأسري المرهق، فهلا عشنا متعة السفر.
تعليقات