عبدالحميد دشتي يرى أن المطالبة باعادة إحياء نادي الاستقلال ضرورة لمحاربة التطرف التكفيري وحماية الكويت من التطرف والتحجر
زاوية الكتابكتب فبراير 24, 2009, منتصف الليل 301 مشاهدات 0
«الاستقلال».. في ذكرى الاستقلال
عبدالحميد عباس دشتي
عبد الحميد عباس دشتي «الاستقلال» الذي نعنيه هنا هو نادي الاستقلال، ولمن لم يعاصر هذا النادي الثقافي الحضاري العريق، فهو تأسس في الستينات من القرن الماضي على يد نخبة طليعية من مثقفي الكويت، ورواد أعلام من أبنائها، من أمثال المرحوم سامي المنيس وأطال الله في أعمارهم الدكتور أحمد الخطيب والنائب السابق عبدالله النيباري وجاسم القطامى وسامي المنيس وآخرين من الكبار، ذكرتهم على سبيل المثال لا الحصر.
وكانت تغلب على مجلس إدارة النادي الصبغة القومية العربية مع شخصيات عدة علمانية أو ليبرالية وطنية. تلك النخبة ساهمت في بناء صرح الديمقراطية في الكويت، وساهمت في إعلاء مفهوم الحوار والثقافة، ونشرت عبر النادي ونشاطاته ثقافة الاختلاف في البلد الذي كان قد نال استقلاله قبل وقت قريب، مما حدا بالقائمين عليه لتسميته على اسم ما يفخرون بأن بلدهم حصل عليه وهو الاستقلال.
إن أي مراجعة للدور الريادي للكويت على صعيد نشر ثقافة الديمقراطية وحرية الرأي في العالم العربي منذ سنوات العقد السادس للقرن الماضي، لن تخرج إلا بنتيجة مفادها التقدير والإكبار لدور نادي الاستقلال. لأنه كان للقائمين على النادي نشاطات، ومواقف، وحوارات، وكتابات أغنت الساحة الفكرية الكويتية، وصبغت أجيالا من النخبة الكويتية بصبغة العمق الفكري. خصوصا أن النادي حمل لواء القومية العربية التي يفخر بها كل كويتي، رغم كل الشوائب التي عابت هذا الاسم على يد مدعي القومية لاحقا.
ثم جاءت أحداث وظروف سياسية محلية وإقليمية ودولية جعلت من النادي هدفا للإغلاق والحل إسوة بغيرها من النوادي الفكرية والسياسية في الكويت، وذلك حصل في نهاية السبعينات. اليوم وبعد مرور عقود على حل مجلس إدارة النادي وتحويل مقرّه في النقرة في شارع المغرب إلى مقر النادي الكويتي للمعاقين، وبما أن الظرف تغير، والأسباب التي دفعت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن تلجأ إلى حل النادي قد انتفت، فإننا نطالب باسم الكويتيين الحريصين على بقاء بلدنا ساحة للتفاعل والفعل الثقافي والفكري الأهلي، بأن يعاد منح الوضعية القانونية للنادي، وأن يعاد نشاطه على الفور، بقرار ومبادرة من الوزارة نفسها التي أغلقته وألغت ترخيصه. لكي يكون لمفكري ومثقفي هذا البلد الحبيب على قلوبنا، منبرا ومقرا يجتمعون فيه، وينطلقون منه للقيام بدورهم وواجبهم تجاه الكويت وتجاه الأمة جمعاء. إن المطالبة باعادة إحياء نادي الاستقلال هي وجه من أوجه محاربة التطرف التكفيري عبر نشر الوعي في المجتمع لناحية مهمة، وهي أن التفكير والثقافة ملكة معطاة لنا بالفطرة من الخالق سبحانه، وأن الحجر عليها لا ينبت إلا النبات الشيطاني التكفيري. وعودة النادي لممارسة دوره كوجه حضري وحضاري من وجوه الكويت الثقافية لن يحمي الكويت من التطرف والتحجر فقط، بل سيكون منبرا مشعا ومنيرا يحتذى من كل العرب في مجال النقاش والنشاط والعمل الأهلي الذي نفضله لإصلاح المجتمع على العمل الحكومي الرتيب. ونحن ننبري للدفاع عن نادي الاستقلال اليوم لإيماننا بأهمية دور مؤسسات المجتمع المدني وخاصة، المؤسسات التي تحمل لواء الفكر مثل نادي الاستقلال، والذي يعد تفعيله التزاما من الجهات الرسمية بالدستور وتأصيلا لما ورد في بعض مواده، في باب «المقومات الأساسية للمجتمع الكويتي»، وفي باب آخر هو «الحقوق والواجبات العامة». ولا شك أن النادي يشكل رمزية تراثية فكرية للمجتمع الأهلي الكويتي، خصوصا في مقره التاريخي في النقرة، وهذا الموقع له دلالة خاصة ورمزية لدى مؤسسي ومنتسبي هذا النادي، ولدى عامة أهل الكويت.
وقد تم ترخيص النادي الكويتي للمعاقين ليقام على نفس الموقع وباستخدام المرافق ذاتها. ورغم ثقتنا الكاملة بأنه ليس هناك في الكويت من هو غير مستعد للتضحية من أجل المعاقين بأي شيء يملكه في يده، لما للوقوف بجانب هذه الفئة العزيزة والكريمة من أبنائنا من معنى سام للإنسانية، خصوصا وأنهم أبناء وأخوة لنا.
ولا شك أن المعاقين هم أحق الناس بدعم الجمعيات الحكومية والأهلية، ولا نشك أن النادي الكويتي للمعاقين قام بدور رائع، ولكن هناك مفارقة جيدة للطرفين، أي لنادي الاستقلال ولنادي المعاقين، فالثاني يعاني الأمرين في موضوع المساحة والتجهيزات الخاصة بتحرك ذوي الحاجات الخاصة داخل أروقة النادي، وبعض الأصدقاء تحدث إلينا عن الحاجة لمقر جديد بمواصفات دولية معروفة تريح المعاقين في تحركاتهم. مما يجعلنا نبادر الآن ونعلن عن حملة تبرعات لإقامة وتجهيز مقر النادي الكويتي المعاقين في مكان آخر غير المقر الحالي فنكسب أمرين: الأول: نوسع على النادي الكويتي المعاقين ونعمل على رفع مستوى المرافق الجديدة التي سينتقل إليها، والثاني: نعيد نصبا وطنيا كويتيا تاريخيا هو نادي الاستقلال إلى مقره التاريخي، فهل يمكن تصور إهرامات مصر بعيدا عن الجيزة والنيل؟ ونحن حين نطالب اليوم بعودة نادي الاستقلال فلأن عودته صارت ضرورية.. وفهمكم كاف وإلا فإن من لا يعمل على عودته فهو راض عن حالة التصحر الفكري والثقافي الذي نعانيه في هذا البلد الذي تغيرت ملامح كثيرة فيه وحان وقت إعادة وترتيب الإصلاحات الضرورية في البناء الأهلي للمجتمع الكويتي بهويته ونكهته الأصيلة بدءا بالثفافة والنشاطات الفكرية.
تعليقات