حسن عباس يثمن قرار الدويلة بعودة جمعية الثقافة، معتبرا ذلك انتصارا للحريات فى مواجهة الأنفس الشحيحة التى تود لو يعود بها الزمن إلى عصر الفداوية والخيزران «والتجحيش»

زاوية الكتاب

كتب 201 مشاهدات 0




 
بلدي الكويت بلد الحريات
 
 
تفتخر الكويت عن بقية الدول العربية بخلو زنازينها من السجناء السياسيين. نعم هي مفخرة، ولكن ومنذ سبعينات القرن الماضي نحتفظ بسجناء سياسيين من نوع آخر. فمنذ عقود ثلاثة والقيادة السياسية تحتكر الرأي، وظلت تسجن حرية التعبير وتقيد أنشطة الناس السياسية والمدنية، فكانت أبدانهم حرة بأفكار أسيرة السجن السياسي.
لهذا ينبغي علينا جميعاً أن نثمن هذا القرار السياسي الكبير والمميز ونتقدم بالشكر الجزيل لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل السيد بدر الدويلة على جرأته وشجاعته والإقدام على هذا القرار الصعب، وهو ومن باب أولى لم يكن ليحصل لولا قناعة القيادة السياسية بأهمية هذا القرار، الأمر الذي يجعلنا أن نتقدم بالشكر الجزيل لسمو رئيس الوزراء الذي إن لم ينجز في عهده سوى المزيد من الحريات لكفاه ذلك فخراً وثناءً.
لكن والحق يُقال إن الكويت ومنذ بزوغ فجر عصرها الدستوري قبل عقود أربعة، وحتى اليوم، وهي تسير باطراد نحو الديموقراطية. صحيح أنها تعثرت مرات ومرات، وصحيح أن بعض الأنفس الشحيحة تود لو يعود بها الزمن إلى عصر الفداوية والخيزران «والتجحيش»، إلا أن الشك لم ينتب الشعب أن الطريق عندنا باتجاه واحد لا رجعة لنا عنه ونحو المزيد من الحريات.
ما نعيشه اليوم هو تدرج بدهي لنظامنا الديموقراطي، وخروج هذا القرار وإن جاء متأخراً جداً إلا أنه كذلك وفي الوقت نفسه طبيعي جداً، بمعنى أننا نعيش أوضاعاً قد يحللها البعض بأنها مراحل كان يُفترض بنا أن نكون قد قطعناها من أعوام سابقة. فبعدما تحوّلت الكويت إلى دولة مدنية بفضل الدستور، وانتقلنا من ذلك إلى الممارسات البرلمانية كالمراقبة، ووصولاً إلى استجوابات لم تستثنِ حتى الأسرة الحاكمة، وابتعدنا بالممارسة الدستورية إلى فصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء، ووصولاً إلى استجواب رئاسة الوزراء، وصلنا اليوم إلى معاودة نشاط مؤسسات المجتمع المدني.
هذا التدرج الطبيعي جداً وسيستمر وينمو ولا أمل في التراجع عنه، فالمنحنى أراه بتزايد وبارتفاع (مع تحفظي على درجة زاوية الصعود) نحو المزيد من الممارسات الديموقراطية، والتي أتوقع أنها ستسفر عن قبول رئاسة الوزراء صعود المنصة، ورئيس وزراء منتخب من خارج الأسرة الحاكمة، وإقرار قانون الأحزاب، وحرمان الحكومة المشاركة بالتصويت في مجلس الأمة (إن لم تكن منتخبة)، وغيرها من الممارسات الديموقراطية الحقيقية.
في الختام من الضروري أن نثمن بعض المواقف الشجاعة في الأعوام الأخيرة لأناس أرادوا خدمة هذا البلد وقد يكون أهمها الحدثين التاليين. أولهما قانون الصحافة الذي أجاز التوسع في عدد الجرائد، ويعود الفضل فيه إلى الوزير السابق الدكتور أنس رشيد، وثانيهما القرار الشجاع بإطلاق سراح المؤسسات المدنية من قيدها السياسي وهو ما يُحسب لسمو الشيخ ناصر المحمد، والوزير المسؤول بدر الدويلة، ومن دفع من قبلهم وبالخفاء «الجنود المجهولون».

د. حسن عبدالله عباس

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك