أمن الخليج العربي في ثنايا الوفاق بين الخاتمية والاوبامية
عربي و دوليفبراير 13, 2009, منتصف الليل 868 مشاهدات 0
سقطت بلاد فارس في يد الاسكندر عام 331 ق.م ثم فتحها العرب عام 643م. واحتلها المغول عام 1256م ثم سقطت فارس تحت الاحتلال الأفغاني عام 1722م . وبعد سنوات الاحتلال الكامل،جاءت سنوات احتلال الأجزاء الفارسية على يد العثمانيين، والبريطانيين والروس ثم الطاغية صدام حسين 1980م. ويعلق الإيرانيون على تاريخ الاحتلال الأجنبي لبلادهم بالقول إن إيران كانت وستضل الباقية رغم حدة المنعطفات التاريخية التي اجتازتها هذه الأمة. أما كيف ؟ فيقول أمير طاهري المحلل السياسي الإيراني العلماني، المعارض للثورة الإسلامية إن العارفين بالجذور التاريخية العميقة لإيران يعلمون ان الصبر غالبا ما كان الفضيلة التي حفظت الأمة الإيرانية من الانقراض.
ويبدوا أن الصبر الإيراني قد أتى ثماره، وقد ثبت في واشنطن تبني إدارة أوباما للرأي القائل بأن السياسات الفاشلة لبوش وفريقه قد أعطت إيران الدافع لإيجاد المهارات المطلوبة لبناء برنامجها العسكري النووي، كما أن العزلة قد دفعت إيران إلى وضع بذور نفوذها في حقول لا تطأها الجرافات الأميركية. ومن الثمار الجيدة التي التقطها الإيرانيون بعد صبرهم كانت في قول الرئيس الأميركي باراك أوباما 'إذا كانت هناك دول مثل إيران مستعدة لإرخاء قبضتها، فستجد أيدينا ممدودة لها. فالأميركيون ليسوا أعداءكم، ونحن أحيانا نقترف أخطاء'.
وبالمقاييس الغربية ليس الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ذي الخط السياسي المحافظ حامل سلة القطاف لجني ثمار الانفراج المرتقب في العلاقات السياسية بين الولايات المتحدة وجمهورية إيران الإسلامية، فهو بخطابه المتشدد في نظرهم كمن ينكر يوم البعث بعد إنكاره للمحرقة النازية لليهود The Holocaust .
ويرى المتابع للشأن الإيراني أن الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي هو خير من يمثل المواصفات الغربية للحوار. فعندما تستمع لخاتمي خطيبا تسمع صدى موسيقى غربية من أوتار آلة سنتور فارسية حادة، فخاتمي هو الذي تحدث مثل مثقف باريسي من الستينيات عن الحوار وانفراج العلاقات الدولية في الأمم المتحدة فأنصت له الجميع. وفي عهده1997-2005م كان مبادراً إلى الانفتاح على الخارج، ولذا يسوق الغرب لعقلانيته منذ أن أعلن في 8 فبراير2009م عن ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية على أمل فوزه في الصيف المقبل.
إن المشهد الذي أمامنا يقول بأن الأمريكان قد أدركوا أن إيران بعنادها تتكئ في رسم سياستها الخارجية على التفسير التاريخي للأحداث القائل بأن كل تحد للأمة الإيرانية زائل، وتأسيسا على ماسبق فإن إيران ماضية في برنامجها النووي بمحطاته المنتجة للكهرباء وبقنابله أيضا، وأن لا سبيل أمامهم لإيقافه. ولذلك جاء(إبداء القلق) الذي أظهرته واشنطن حيال رفع الإقامة الجبرية عن العالم النووي لباكستاني عبد القدير خان بعد توصل الباكستانيين بمعرفة الأمريكيين أن الإيرانيين قد وصلوا إلى هدفهم ولم يعودوا بحاجة لخدمات خان. من جانب آخر وجد الأمريكان أن البذور الإيرانية قد أينعت في لبنان وغزة و سوريا فكان على الإدارة الجديدة في واشنطن تبني مبدأ الاوبامية Obama Doctrine أو سياسة اليد الممدودة Obama's Open Hand Policy لتحقيق بعض المكاسب.
ما لذي سيحدث من توافق الخاتمية والاوبامية ؟
حسب رأي الخبير بالشؤون الإيرانية، محمد الأمين فإن فوز خاتمي سيعني تقدماً كبيراً في تحسين الأجواء بين إيران وجيرانها العرب، ويشير بهذا الصدد إلى ما نقلته صحيفة 'جيروزاليم بوست' من أن إسرائيل ستكون أكبر الخاسرين من عودة خاتمي إلى الرئاسة في طهران.
لكن الخبير كما نرى قفز فوق عدة حقائق، منها أن خاتمى كان طوال عشر سنوات مسئولا عن تصدير الثورة الإيرانية إلى باقي أنحاء العالم بما فيه الخليج العربي، كما إن قضية الجزر الإماراتية المحتلة لم تتقدم قيد أنملة إبان عهد خاتمي الذي امتد ثمان سنوات، بل إن وضع أسس التدخل الإيراني في العراق قد تم في آخر سنتين من عهد خاتمي و بوتيرة قوية لم يكن لها سابق منذ اجتياح كريم خان الزند للبصرة عام 1775م.
إن توافق الخاتمية والاوبامية يعني نجاح عروض سرية مغرية استمرت منذ سنوات بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة حملها مندوبون من كل جهات العالم، وتقول بتشجيع إيران في التركيز على حل التحديات الداخلية وإطلاق يدها كشرطي في الخليج بل وغض الطرف عن تفجيرها النووي مقابل الاعتراف بإسرائيل . فهل لدينا من يملك بعد النظر مثل الرئيس الأفغاني الأنيق حميد كرزاي الذي ألقى عباءته الفاخرة وهرول إلى الجبال مسابقا الاميركان في التفاوض مع طالبان عندما لاحت في أفق واشنطن سحب تغير التحالفات Shifting Alliance في ضواحي كابل ؟
تعليقات