'تعتذر ديوانية ساركوزي عن الثقافة'
عربي و دوليقراءة في زيارة الرئيس الفرنسي للكويت
فبراير 14, 2009, منتصف الليل 818 مشاهدات 0
في زيارته السريعة للكويت اعتبر الرئيس الفرنسي إن الصداقة الكويتية - الفرنسية تستمد قوتها من قيم مشتركة مثل الحياة السياسية الحافلة والحرية الكبيرة في التعبير،كما أشار حفيد مولييروهوغو وسارتر إلى إن قيم الديمقراطية الكويتية تتجاوز حدود البرلمان وتتجلى في ' التراث العريق المتمثل بالديوانية'.
لقد كان على ساركوزي أن يربط ديمقراطيتنا الكويتية بتراثنا ،وكان يمجد ثقافتنا لأن في ذلك تذكير لنا بفرنسا الثقافة والحداثة،فهو الذي قال سابقا إن فرنسا تقدم نفسها دائما على أنها في مهمة لتحضر العالم A Mission to Civilize the world كما سبق ان قال مفاخرا 'نعتقد بان أفكارنا خلقت لتضيء العالم.'
في ديسمبر 2007م نشرت مجلة تايم الأمريكية TIME موضوعا بعنوان موت الثقافة الفرنسية The Death of French Culture. وقد دعمت المجلة رأيها بأرقام تشير إلى تراجع عالمية الإنتاج الثقافي الفرنسي. حيث لم تعد باريس تصدر إلا عددا ضئيلا من مجموع 727 رواية فرنسية نشرت في ذلك العام. وفي مجال الفن التشكيلي، لا يوجد فرنسي واحد ضمن أفضل 10 في العالم.
وفي عام2007م نفسه بدأت فرنسا - رابع أكبر مصدر للأسلحة التقليدية- خطوات كبيرة لتعزيز صادراتها من الأسلحة، بل إن ساركوزي أنشأ ضمن مكتبه الرئاسي مجموعة لتشجيع صادرات السلاح Arms Sales Task Force وكان الهدف هو زيادة قيمة صادرات فرنسا من الأسلحة لتبلغ قيمة مماثلة لقيمة المشتريات المحلية من الأسلحة وتوازي 14 مليار دولار. وعليه انطلق ساركوزي لينهي 20 عاما من التستر في العلاقات مع منطقة الخليج العربي وراء الثقافة والعطور والأزياء .
لقد كان نجاح ساركوزي ملحوظا في المملكة العربية السعودية التي تستأثر ب9% من صادرات الأسلحة الفرنسية، وقد شملت النجاحات طلبات سعودية لشراء مدفعية وصواريخ سطحجو وطائرات صهاريج لتزويد المقاتلات بالوقود ، أما في بقية دول الخليج العربي فقد جاءت دولة الإمارات العربية على رأس القائمة حيث تعدى التعاون العسكري مجال السلاح ليصل إلى بناء القاعدة الفرنسية هناك ، كما تربط باريس بالدوحة علاقات عسكرية وثيقة اذ تؤمن فرنسا 80% من معدات القوات المسلحة القطرية، بالإضافة إلى قرب افتتاح الكلية العسكرية الفرنسية العريقة سان سير في قطر عام 2011م .
لم يكن في الساعات الأربع التي قضاها ساركوزي في الكويت يوم 11 فبراير 2009م من الثقافة الفرنسية أو حتى ثقافة ديوانياتنا وأدبها شيء. بل كانت بوضوح شديد زيارة تاجر سلاح لزبائن محتملين كما لاحظه جاسم بودي فيما كتبه على صدر جريدة الراي 13فبراير 2009م، ولا نزعم أننا من مريدي الثقافة الفرنسية لنفتقدها ، كما لا نزعم أن بودي وكيل سلاح أمريكي منافس للفرنسيين، لكن الثقافة هي أولوية يتم ترتيبها كما قال وفق مقتضيات فرنسية . ولأن رئيس الوزراء الياباني تارو اسو Taro Aso كان السباق في الإشارة أثناء مؤتمر دافوس الاقتصادي 2009 إلى أن دول الخليج العربي تملك من الأموال مايساعد على تخفيف او حل جزء من الأزمة الاقتصادية الراهنة. وعليه فقد قرر ساركوزي أن يعرض علينا و بسرعة بضاعته العسكرية وليس الثقافية قبل أن يأخذ المجتمع الدولي بالاقتراح الياباني ، وهو الاقتراح الذي كان قد نادى به الماكر هنري كيسنجر قبل عام حين قال إن ارتفاع أسعار النفط الحالي هو اكبر عملية نقل غير شرعي للثروة من العالم الغربي إلى أيدي العرب.
والرئيس الفرنسي ساركوزي بارع دائما في استغلال الأزمات،ولم يوصله للاليزيه ألا أزمة تمرد الضواحي،وهو في زيارته الحالية للخليج العربي ليس إلا البائع النشط الذي يفتح متجره مبكرا، وسوف يحذوا الآخرين حذوه عما قريب .
لقد توقع صندوق النقد الدولي أن تحقق الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، نموا بمعدل 3.6% في عام 2009 نزولا من 5.6% في عام 2008م ورغم ذلك ، وللخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة من قبل بعض الدول الموردي السلاح سوف يتحول الخليج العربي من جراء العروض المغرية إلى اكبر مستودع للسلاح، وما معرض دبي 2009م للطيران والسلاح ببعيد .
تعليقات