تقنين الفرح!.. يكتب خالد الطراح
زاوية الكتابكتب يونيو 4, 2017, 12:02 ص 513 مشاهدات 0
القبس
من الذاكرة- تقنين الفرح!
خالد الطراح
في كويت الماضي المتسامح، انتشرت تسجيلات على شرائط معروفة بالكاترج، وهي شرائط تسجيل كبيرة الحجم، مختلفة عن شرائط الكاسيت، وانتشرت تسجيلات في الوقت ذاته، معروفة بالصدى، وهي عبارة عن تسجيل للأغاني بالصدى أي تردد الصوت والأنغام.
من أبرز الأغاني، التي اشتهرت في تلك المرحلة، أغاني أم كلثوم، إضافة إلى تسجيلات لأغاني عبدالحليم حافظ.
كانت تلك التسجيلات مميزة من حيث المعاني العميقة، وأيضا الألحان، إضافة إلى صدى الصوت الذي أضفى جاذبية للاستماع بخلاف التسجيلات التقليدية، لذا كان هناك إقبال على السيارات التي تتمتع بتقنية شرائط الكاترج، حيث تعتبر مثل هذه الميزات من المواصفات الإضافية.
تسجيلات الصدى كانت غالبا تصل إلى مسامعنا عن بعد من سيارات تنطلق في الشوارع بصوت عال، خصوصا من السيارات التي لم يشملها اختراع التكييف، وكان لابد من فتح جميع نوافذ السيارة بسبب حرارة الصيف، والتمتع في الوقت نفسه بالأغاني!
منطقة السالمية القديمة، وكورنيش الخليج العربي، خصوصا في الصيف، كانا من المناطق التي يرتادها الشباب خلال تلك الفترة الزمنية، وهي شكل من الشقاوة، لكنها لم تكن شغبا أو تمردا!
بعد سنوات، وحتى اليوم، هناك من الشباب وغيرهم أيضا من الجنسين، الذين يجعلون الحديث في السيارة صعبا، بسبب أصوات عالية جدا لأغان من سيارات قريبة، لكن اللافت أن هناك من يسمع آيات من القرآن الكريم أو الأدعية بصوت عال أيضا أثناء قيادته، وهو سلوك لا يدل على الخشوع في الاستماع إلى القرآن، لكن لابد من احترام رغبات الناس بتسامح لحرية الفرد في سماع ما يشاء، وبالشكل الذي يرغب فيه، طالما لا يشكل هذا السلوك اعتداء على حريات الآخرين.
الفقرات الست السابقة مقدمة للتمني من الأخوة الأفاضل النواب، ممن اعترضوا على أصحاب فرحة بعض طلبة الثانوية، بانتهاء الاختبارات بالتمتع بالأغاني، بعدم حظر مثل هذا التعبير، فهو مجرد وسيلة للتعبير عن الفرح، كما يحلو للبعض الآخر التمتع بسماع القرآن بصوت عال، وليس الاستماع والإنصات، والفرق بين السمع والاستماع والإنصات كبير!
الجدل في مثل هذه الأمور بتقديري لن يقود إلى حل مرضٍ، إذا ما ارتأى بعض الأخوة النواب استخدام أدواتهم البرلمانية في فرض ما يرونه بعيونهم، وليس بعيون الجميع، فالرغبات متنوعة، طالما هي ضمن المعقول والمقبول اجتماعيا، ولا تكون شكلا من أشكال الفحشاء أو الحرام لا سمح الله.
النصيحة والمناشدة بأسلوب حكيم أفضل من الوعيد والتهديد، خصوصا أن المقصود في الأمر شباب مفعم بالحماس وأيضا بالعناد!
الحوار العقلاني من أدوات الإقناع، خصوصا مع شريحة الشباب، من أجل كسب ودهم وإقناعهم في حال وجود خطأ ما، ولا أظن أن التعبير عن الفرح بعفوية فئة عمرية محددة يشكل أزمة اجتماعية وسياسية في آن واحد!
هناك شباب من ضحايا الفكر الانتحاري أولى بالتركيز والاهتمام، فأبرياء في كل بقاع العالم تزهق أرواحهم بحجة الجهاد، ويقتلون باسم الإسلام والمسلمين، وتفقد أسر في الوقت نفسه فلذات أكبادها نتيجة التظليل باسم الدين!
الحل ليس بعنف الاعتراض بقدر التسامح والتراحم وتقديم النصيحة الحكيمة قبل تقنين الفرح من وجهة نظر واحدة!
الحزن لا يقنن.. وكذلك الفرح!
تعليقات