هل نشهد صحفا جديدة يقودها جيل جديد من أبناء الكويت ؟ - تكتب فوزية أبل

زاوية الكتاب

كتب 508 مشاهدات 0


لعين الراصدة لواقع الصحف الكويتية الآن يصيبها الأسى، والحسرة، فبمقارنة بسيطة بين ما كانت عليه الصحافة الورقية قبل سنوات وبين ما آلت إليه، نكتشف التراجع الكبير من حيث المهنية والطرح وتناول القضايا التي تهم الشريحة الأكبر من أبناء المجتمع... وغياب معايير القيم والنزاهة وأخلاقيات المهنة الصحافية.
ومنذ بزوغ شمس الصحافة في الكويت وهي لسان حال الشعب والمعبرة عن همومه وقضاياه وكل ما يشغله، إلا أن الصحافة ابتعدت كثيرا عن القضايا التي تهم الرأي العام وانصرفت إلى مراعاة حسابات سياسية ومصالح تجارية وربحية على حساب المضمون الصحافي والمعايير المهنية، ومن ثم خفتت الموضوعات ذات الثقل، وتراجع تأثير الصحافة في الرأي العام، كما تخلت الساحة الصحافية عن دورها في تأهيل جيل جديد من المهنيين (من أبناء الوطن) الذين يحملون على عاتقهم مسؤولية الارتقاء بالسلطة الرابعة، والتعبير عن قضايا الشعب وهمومه وآلامه وآماله.
ثمة دلائل ملموسة على تراجع دور الصحف الكويتية وليس أدل وأوضح على ذلك من تحول معظم صفحاتها إلى مجرد 'صور وكلام'، بلا مضمون حقيقي، ثم أين فنون المهنة التي هي أساس تاريخي للصحف، والملفات التي تطرح قضايا مؤثرة مثل التعليم والصحة والثقافة والاقتصاد والرياضة وغيرها من القضايا يفترض بالصحافة أن تحملها على عاتقها وتطرحها للرأي العام والمسؤولين.. كما أن صفحات الصحف لم تعد تحوي الطرح الفكري والثقافي العميق بل عمدت إلى التسطيح لخدمة خطوطها العريضة.
إن انحسار دور الصحافة الكويتية جعلها تصدر بلا تأثير حقيقي كما كان في السابق، ولم تعد تشكل وسيلة ضغط على مسؤولي الدولة إذا حادوا عن الطريق السليم، كما فقدت الكثير من المتابعين والمهتمين وذلك لكون ما تطرحه في واد وقضايا المجتمع في واد آخر.
ثمة أسباب عصرية لا يمكن التغاضي عنها لدى التطرق إلى الواقع الصحافي، ومن ذلك الفضاء الالكتروني، والقنوات المتلفزة والتي سحبت الكثير من رصيد الصحافة المقروءة، لكن معظم الصحف الورقية ساهمت بنفسها في تراجع مكانتها وقيمتها ودورها، إذ تخلت عن الكفاءات من ناحية ومن ناحية أخرى أصبحت فارغة من المضمون المعبر عن حال السواد الأعظم من الناس ومن ثم فقدت الكثير من مصداقيتها، ولم تعد ملك القراء بل ملك التوجه، والمواقف السياسية، وحسابات الربح والخسارة، وأصبح المعلن مثلا يتحكم في بعض المواد التحريرية.
ومع التسليم بسقف الحريات في الكويت مقارنة بدول مجاورة علينا الاعتراف بأننا لم نستغل هذا السقف في طرح الملفات الصحافية ذات القضايا الوطنية والمجتمعية.
إن المتابع عن كثب لأوضاع الصحف من الداخل، يستشعر بأنه من الصعب الخروج من حالة الجمود والنهوض مجددا، ومن الصعب أيضا أن يتّخذ ملاك الصحف قرارات تجديد الدماء واحلال العناصر المهنية الكفؤة بعيدا عن المحسوبية ودائرة البطانة، وتغيير الذهنية القائمة في إدارة الصحيفة والتي يفترض أن ترسم السياسات التحريرية وتواكب التحديات المهنية... فالصحف القائمة حاليا لن تغير سياستها وبالتالي هي تعمق جراح الصحف.
الحل يتمثل في فتح المجال أمام اصدار صحف جديدة بروح مختلفة يقودها جيل جديد من أبناء الكويت.

كتبت - فوزية أبل

تعليقات

اكتب تعليقك