الشهادات المزورة هي سبب ما نحن عليه الآن من فشل وتدني في جميع المجالات والمستويات.. كما يرى زياد البغدادي
زاوية الكتابكتب مارس 12, 2017, 12:50 ص 501 مشاهدات 0
النهار
زوايا-التعليم إلى أين؟
زياد البغدادي
اثبتت التجربة ان لا سبيل لتطور الدول ونهضتها الا من خلال العلم والتعليم، وعليه فقد جعلت الدول المتقدمة من قضايا التعليم اولوية لا يمكن مقارنتها بأي قضية اخرى مهما كانت اهميتها، واعطت للمعلم وهذه المهنة العظيمة اهتماما منقطع النظير وعززت من مكانته اجتماعيا ووظيفيا، ولم يكتفِ العالم المتقدم بالحفاظ على مستوى التعليم بل سعى وبشكل دائم على تطوير العملية التعليمية من خلال مواكبة التطور التكنولوجي المستمر لانه وصل الى قناعة بأن ثبات المستوى يعني بالضرورة تأخرك على المدى البعيد.
وقد اثبتت التجربة ايضا ان العملية التعليمية لا تعتمد في نجاحها على المال فقط، بل ان المال يأتي من تلقاء نفسه متى ما نهضت الدولة بالعملية التعليمية والتي هي المحرك الاساسي في تطور المجتمع الذي ستزدهر به التجارة والصناعة وبذلك نكون امام شعب منتج، وهذا ما حدث فعلا في دول مثل سنغافورة وكذلك كوريا الجنوبية فهما يمثلان علامات فارقة لدول بدأت من الصفر بل من تحت الصفر.
وكما اشرنا سالفا أن المال ليس الا عنصراً من عناصر نجاح التعليم وأن الادارة الناجحة هي السر الحقيقي، وقد نجد في الكويت مثالا واقعيا لهذه النظرية، ففي الزمن الذي كان فيه لدى الكويت ربع المال والثروة التي تتمتع بها الآن الا انها كانت درة الخليج وكانت تخطوا خطوات ثابتة وسريعة جدا نحو الازدهار والتقدم بل تجاوز طموحها حدود الدولة لتبث نور العلم والتعليم لدول الخليج واستطاعت في سنوات قليلة بناء الجامعة والمدارس وطباعة الكتب والاستعانة بأفضل الخبرات العربية والاجنبية، نعم هو ذلك الماضي الجميل والادارة الفاعلة والناجحة هي السبب في حدوث ذلك.
الا اننا وبكل اسف لازلنا نتعايش على ذلك الماضي الجميل، وفشلنا في بناء جامعة خلال ما يزيد عن 27 سنه، وتعدى وضعنا السيئ سوءاً باستغلال العملية التعليمية على انها تلك الدجاجة التي تبيض ذهبا، وهذا ما نلتمسه في بعض المدارس الخاصة التي تفننت في رفع رسومها الدراسية الى اسعار فلكية، ولا ننسى انخفاض وتدني المستوى التعليمي في قطاع التعليم العام الذي ساهم في تفشي ظاهرة المدرس الخصوصي وكذلك هروب الاهالي بأبنائهم الى التعليم الخاص باعتبار ان الاستثمار في الأبناء هو الاستثمار الحقيقي.
الا ان فضيحة الشهادات المزورة هي الطامة الكبرى التي كشفت لي سبب ما نحن عليه الآن من فشل وتدني في جميع المجالات والمستويات، وان هذا الفاشل الذي اشترى شهادته بالمال قد وقع عقد بيع ضميره لأنانيته ورغباته الرخيصة بمقابل السلطة والمال والتي يجدها اغلى من اي شئ حتى وان كان الوطن ومستقبله.
ومع الاسف هذا الوضع السيئ يبدو انه انتقل الى اجيالنا الحالية، فبحكم عملي كمشرف اجتماعي في الجامعة اقوم بالتواصل مع عدد لا يستهان به من الطلبة ولا يخلو التواصل من بعض النقاشات الجانبية والمصارحة، وقد اكد لي مجموعة من الطلبة بشكل عفوي وبزلة لسان انهم يقومون بشراء البحوث، وعند مواجهتهم بحجم الخطأ في هذا السلوك والعمل غير الاخلاقي كانوا يتملصون بحجة أن الجميع يفعل ذلك، وأن هذا الامر لم يعد سرا ومن يقوم به هم مكاتب خدمة الطالب.
لا يمكنني ان اصف مقدار حزني والألم الذي شعرت به بعد سماعي لهذه المعلومات الخطيرة وتبريرات هؤلاء الطلبة، والمصيبة ان هذه المعلومة قيلت بعد مطالبتهم بزيادة المكافأة الاجتماعية. اننا امام ظاهرة خطيرة ووضع مؤسف يستدعي منا وقفة جادة للعودة الى طريق الصواب، ولن يتحقق ذلك الا بإدارة تعي حجم المسؤولية وتملك الرؤية والاستراتيجية، فهل سيتحقق ذلك؟
تعليقات