خالد الطراح يكتب .. من يقود من؟!
زاوية الكتابكتب مارس 8, 2017, 11:53 م 481 مشاهدات 0
القبس
من الذاكرة- من يقود من؟!
خالد الطراح
قبل الغزو للكويت، تعمق جدل سياسي بين تيارات فكرية وسياسية والسلطة التنفيذية، حول انقياد الحكومة للشارع، وليس قيادة الشارع، وهو المنطق الأصح والأسلم، فالشارع ممكن أن تسيطر عليه معلومات غير دقيقة، وردود فعل عفوية وعاطفية، بينما الحكومة، التي يفترض أن تتوافر لدى مؤسساتها البيانات والمعلومات، أن تتزعم المشهد السياسي في قيادة الرأي العام، بعيدا عن أساليب دغدغة المشاعر والانقياد إلى مطالبات شعبوية لا تحمل بعدا استراتيجيا.
ظل هذا الجدل والتفكير مسيطرا على العمل الحكومي سنوات طوال، حتى بعد الغزو وتحرير الكويت، فمؤسسات الدولة لم تستثمر الزمن في إعادة بناء الكويت اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا، لا سيما الإنسان الكويتي، فقد عادت الأمور الحياتية بشكلها التقليدي تدريجيا، وصاحبتها سلوكيات ما قبل الغزو، خصوصا ممارسات الاتكال على الدولة في معظم شؤون الحياة الصغيرة والكبيرة منها، بينما الروح الوطنية التي تعمقت لدى الشعب الكويتي بالداخل والخارج، لم تحظ، للأسف، باهتمام السلطة الحكومية.
باختصار، الشعب الكويتي الذي صمد داخل الكويت رتب الشؤون الحياتية، وشغل المخابز والجمعيات التعاونية، وأدار النظافة والرعاية الاجتماعية والطبية والخدمات الأمنية وغيرها، فيما حمل السلاح المدنيون والعسكريون ذوو الخبرة تصديا لجيش الغزاة.
خارجيا، لم ينشغل الكويتيون عن إخوتهم وأسرهم في الداخل، فقد عمل كل مواطن من كل الفئات العمرية على التعاون والعمل في تعزيز الصمود، والوقوف ضد المعتدي، من خلال الانخراط بعمل شعبي منظم في معظم عواصم العالم، من أجل دعم قضية الكويت العادلة، وتفنيد المزاعم والأكاذيب لنظام المقبور صدام وماكينته الإعلامية.
بعد التحرير، ونتيجة خروج عدد كبير من الوافدين من جنسيات مختلفة، كالجالية الفلسطينية، حيث بلغ عددهم في تلك الفترة حوالي نصف مليون، مقابل حوالي 800 ألف مواطن، تهيأت الظروف الاجتماعية والسياسية، ليصبح المواطن الكويتي شريكا أساسيا في إعادة بناء الدولة والمواطن أيضا، لكن لم يحدث أي من ذلك، بل عادت شيئا فشيا التركيبة السكانية إلى الاختلال إلى الوضع الحالي، نتيجة عدم الجدية في إعادة بناء الهوية الوطنية!
صاحبت هذا الإجراء الخاطئ سياسات خاطئة أيضا، كعدم توفير بيئة العمل المناسبة لخريجي المعاهد الخاصة والتطبيقية في مجالات الحدادة والنجارة، ومجالات مهنية كان الممكن أن يشغلها المواطن الكويتي، بدلا من الاستعانة بعمالة وافدة، خصوصا أن الظروف كانت مهيأة، لكن القرار لم يكن حاضرا أو جاهزا في ترسيخ ثقافة العمل المهني بين المواطنين، من خلال حوافز مالية تساعد على كسر الحواجز النفسية.
الآن وبعد 26 عاما من التحرير، يعود الحديث عن تصحيح التركيبة السكانية، بعد أن تضخمت أعداد الجاليات الوافدة، خصوصا العمالة الهامشية منها بشكل لافت، وعادت نسبة المواطنين إلى أن اصبحت أقلية، كما كانت عليه قبل الغزو!
هذه ليست معادلة صعبة أو لغزا محيرا، فالحلول تملكها الحكومة بالدرجة الأولى، وممكن أن تساعد على حلها السلطة التشريعية بقرارات حكيمة غير شعبوية أو مزايدات ليس لها داع ودون المساس بكرامات الوافدين.
آمل في أن تتضافر الجهود بين السلطتين حتى يتحدد من يقود من؟ الشارع يقود الحكومة أم العكس؟!
وإذا ظلت الحال كما هي عليه فالإصلاح يصبح سراباً والتنمية وهماً!
***
عظيم الشكر والتقدير للعم خالد العيسى الصالح على اتصاله الشخصي بي تعليقا وتأييدا لمقالي «وثيقة غير حقيقة»، الذي أتمنى أن يكون على طاولة البحث في المجلس الأعلى للتخطيط على يد العم بوعيسى أطال الله في عمره.
تعليقات