هل وزارة التربية مستعدة الاستعداد التام لسياسة تكويت الوظائف التعليمية؟.. يجيب حمد العصيدان
زاوية الكتابكتب مارس 6, 2017, 12:08 ص 847 مشاهدات 0
الراي
من زاوية أخرى- حسنين وفالح في المدرسة
حمد العصيدان
على الرغم مما تموج به الساحة المحلية من أحداث سياسية تدخل من يتابعها في دوامة و«عوار راس»، فإن ذلك لا يعفي ذلك المتابع من بسط رقابته الإعلامية على كل تلك المجريات. ومن ذلك ما تضج به الساحة التربوية من أحداث تتعلق بإنهاء خدمات المئات من المعلمين الوافدين ضمن سياسة الإحلال التي تتبعها وزارة التربية، لاسيما في المواد التي تشهد فائضاً في عدد المعلمين الكويتيين، وبالأخص التربية الإسلامية والاجتماعيات والبدنية. وبالتحديد في الجانب الانثوي من القضية.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو، هل وزارة التربية مستعدة الاستعداد التام لسياسة تكويت الوظائف التعليمية، بغض النظر عن قلة المعلمين في الاختصاصات الرئيسية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء والجيولوجيا واللغتين العربية والإنكليزية؟ وأقصد بالسؤال، هل سيستوي اليوم الدراسي بوجود هيئة تعليمية كاملة من المواطنين، وخاصة في المرحلة الثانوية؟
للإجابة عن هذين التساؤلين وغيرهما كثير، سأستعرض معكم مشاهد من مدارس ثانوية في محافظة الأحمدي، كوني من سكانها وعلى اتصال بعدد غير قليل من القائمين على العمل التعليمي فيها، من مديرين ومديرين مساعدين ورؤساء أقسام وحتى معلمين، وبعد عرض المشاهد يمكن أن نعلق. المشهد الأول، مدرسة ثانوية قررت، مثل بقية المدارس أن تشدد على حضور معلمي الحصة الأولى، طابور الصباح، كونه جزءا لا يتجزأ من الحصة وله أهميته الوطنية والتربوية، ومن أجل ذلك قررت إدارة المدرسة، إبقاء الفصل الذي لا يحضر معلم الحصة الأولى فيه الطابور في ساحة العلم. وفي كل يوم يبقى في الساحة فصلان أو ثلاثة بمعدل وسطي في ساحة الطابور، وبعد الاستفسار عن معلمي تلك الفصول، يتضح أنهم كويتيون، وقل ما يحدث أن يكون الغائب معلماً وافداً.
المشهد الثاني، ثانوية أخرى يعمد أكثر من معلم، وحسب رصد إدارة المدرسة بعد افتضاح الأمر، إلى نقل طلابه إلى مسجد المدرسة في الحصة السابعة ويضعهم مشدداً عليهم بعدم الخروج إلا مع جرس «الهدّة» ثم يخرج مغادراً من الباب الخلفي، وبلا شك لا يجرؤ على مثل هذا التصرف إلا المعلم المواطن.
المشهد الثالث، مدير مساعد بقي مناوباً في الحصة الأخيرة حتى انصراف الطلبة، فوجئ بأكثر من فصل يخرج طلابه قبل ربع ساعة من موعد الانصراف، وبعد إيقاف الطلبة والاستفسار منهم، اتضح أن المعلم أخرجهم. وأيضا هذه حركة لا يقدم عليها معلم وافد!
المشهد الرابع، في إحدى المدارس السابقة، وبعد مرور نحو ربع ساعة من بدء الحصة الأخيرة، اتصل مشرف الجناح ليخبر المدير المساعد بأن «فصل 12 أدبي ليس عنده معلم»، وبالعودة إلى الجدول عرف المعلم المواطن الذي لم يداوم من بداية اليوم الدراسي، وعند مراجعة القسم لم يكن أحد موجوداً، وبالاتصال على رئيس القسم لم يستطع الرد سوى بالاعتذار عن عدم تغطية مكان المعلم الغائب.
المشاهد كثيرة، وكل واحد منها يتكرر في أغلب المدارس بشكل شبه يومي، وكلها تعكس حالة من عدم المبالاة عند الأكثرية، من المعلمين الكويتيين في الالتزام بالدوام والحصص المكلفين بها، وهذا لا يعني خلو الساحة من معلمين كويتيين يقدمون صورا مشرفة لرسالة المعلم الذي «كاد أن يكون رسولا»، ولكن الأكثرية من معلمي المرحلة الثانوية تحديدا غير ملتزمة. وهو ما باح به أحد مديري المدارس الذي ذكر أنه يحمل الهم عندما يأتيه معلم كويتي، لأنه يعرف ما سيكون وراء قدومه، وقالها صراحة «ليست مشكلتنا مع حسنين وأبو العلا وسامح ومروان، ولكن مع فالح وفلاح وسعد وثنيان، فالمعلم المواطن يعتبر التأخير والغياب حقا مكتسبا له، بينما المعلم الوافد يلتزم بالدوام ولا يغيب أو يتأخر إلا في حالات الضرورة وبإذن مسبق». وذكر لي قصة طريفة، أن أحد المعلمين المواطنين نقل من منطقة مبارك الكبير إلى الأحمدي لكثرة مشاكله في الغياب، فأصبح ملفه كالكرة يتقاذفها مديرو المدارس وكل واحد لا يريده عنده، تجنباً لمشاكله!
طبعا هذا في مدارس البنين بمعلميها. أما في مدارس البنات، فإن المديرات أكثر شدة وحزماً مع المعلمات في مسألة الالتزام حتى لو كنّ مواطنات، مع ان الامر لا يخلو من بعض الاستثناءات. فبعد هذا كله، هل مدارس البنين على وجه التحديد مستعدة لتكويت التعليم؟ أشكّ في ذلك.
تعليقات