على الحكومات الطامحة إلى البقاء والاستمرار احترام هذا التنوع الديني والمذهبي والإثني.. يطالب عبد المحسن جمال

زاوية الكتاب

كتب 654 مشاهدات 0

عبد المحسن جمال

القبس

رأي وموقف- ضيق الطائفية وسعة العولمة

عبد المحسن جمال

 

بروز حركات متطرّفة تعتمد على اجتهاد محدد في الدين الإسلامي، كــ «داعش» و«النصرة» وما سايرهما من الحركات التكفيرية، خلق هزة عنيفة في الضمير العالمي.

فالمفكرون في كل مكان كانوا يتجهون إلى عولمة الأفكار والثقافات وصهرها في بوتقة كبيرة لها أسس وقواعد مشتركة، وبرزت نظريات فكرية وسياسية، كان هدفها «عولمة» ذلك كله في فكر إنساني يقبل التنوع والتعدد السياسي والديني والفكري، والثقافي.

ولكن بروز تلك الحركات التي تعتمد على رؤية ضيقة لا يقبلها أهل الفكر نفسه أو الدين ذاته، جعل مفكري العالم وعلماءه من أهل الأديان يقفون هنيهة ليراجعوا كل ما طرحوه من مبادئ وأفكار وأساليب التعامل الإنساني في ما بين البشر بعضهم مع البعض الآخر.

وجعل السياسيين يعيدون نظرياتهم السياسية في قبول تلك الدول التي تعتمد على الرؤية الضيقة، والاجتهاد المتجزئ، وأسلوب الإقصاء للعديد من البشر الذين جاء حظهم ليخلقوا في هذه الدولة أو تلك، وليمارس عليهم أساليب الإقصاء والإبعاد لا لشيء إلا بسبب اللون أحيانا أو الدين تارة، أو الجنس والأصل تارة أخرى.

ووقفت نظريات حقوق الإنسان وداعموها منبهرين من تلك الممارسات التي لا تمت إلى الإنسانية بصلة، ولا إلى أن الناس كلهم أخوة؛ أبوهم آدم، وأصلهم من تراب، كما في التراث الديني بتنوعه واختلافاته!

فما هو الحل المطروح الآن في كواليس سياسيي العالم ومثقفيه؟

أولى تلك الدراسات تعتمد على أن الشرق الأوسط خليط في تكوينه الديني والمذهبي، وأن الحركات المتطرفة التي صنفت دولياً بالإرهابية، جاءت بفكر ينبذ الآخر ويدعو لعزله ثم إقصائه أو قتله.

وهذا لا ينسجم البتة مع الفكر الإنساني الذي توصل إلى إيجاد هيئة أمم جامعة لدول العالم وشعوبه، وإلى مجلس أمن تدير الدول الكبرى من خلاله سياسة العالم.

لذا، لا بد من الحكومات الطامحة إلى البقاء والاستمرار احترام هذا التنوع الديني والمذهبي والإثني، ومعاملة شعوبها من خلال المواطنة بواجباتها وحقوقها، أو العزل وإيجاد فرص مثالية للشعوب لتحكمها أنظمة تعتمد على الفكر الإنساني بتنوعه الديني والمذهبي، والنظام القانوني الدولي.

وإن ذلك سيمنع العديد من التجمعات الشعبية من العزل ومن ثم الارتماء إلى أحضان من يدغدغ عواطفهم بأفكار ترسم لهم مستقبلاً غير الذي رسمته لهم تلك الأنظمة الضيّقة التفكير.

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك