لا يمكن للإصلاح أن يشق طريقه في أي ميدان طالما آفة الفساد تعيش وتترعرع بيننا.. برأي خالد الطراح
زاوية الكتابكتب فبراير 14, 2017, 12:04 ص 413 مشاهدات 0
القبس
من الذاكرة- مطرقة الأولويات وسندان الزمن
خالد الطراح
نتيجة التسابق الذي ساد الساحة السياسية والمستجدات التي صاحبت ذلك سلبا وإيجابا والتشكيلات الوزارية المتعددة في السنوات الأخيرة، علاوة على التغيير في الساحة النيابية، خصوصا تعثر المسيرة النيابية لأسباب عديدة، أصبحنا بين مطرقة الأولويات وسندان الزمن، وهو تحد كبير أمام السلطتين التنفيذية والتشريعية.
الملفات التي تبناها بعض الأخوة النواب في مجلس أمة 2016 منذ الأسابيع الأولى ضمن الأولويات البرلمانية، بعضها فعلا يستحق الاهتمام والدعم، خصوصا تعديل قانون النظام الانتخابي وإلغاء أو تعديل قانون المسيئين وغيرههما من قوانين تقوض الحريات ولا تخدم التطور الإيجابي للديموقراطية، لكن هناك أيضا مستجدات متسارعة تشهدها الساحة المحلية بشكل يسابق الزمن.
ديموقراطيا، تراجعت كويت الدستور بـ36 مركزا وفقا لمؤشر إيكونومست للمعلومات البريطانية (القبس 28 / 1 / 2017)، دوليا وعربيا إثر تراجع حاد ومفزع لمرتبة الكويت دوليا وعربيا وخليجيا على مستوى الفساد، حيث احتلت الدولة المركز الـ121 دوليا والثامن عربيا بعد أن كانت في المرتبة الـ85 على مستوى العالم والثانية عربيا عام 2015 على مستوى الديموقراطية.
واعتمد مؤشر الديموقراطية على عوامل تتعلق «بالتعددية السياسية وضمان الحريات والحقوق الاساسية» وهي من المعايير الأساسية في قياس تطور أو تراجع الديموقراطية.
لا شك أن العلاقة بين الفساد السياسي والديموقراطية علاقة وثيقة جدا وتؤثر بشكل رئيسي في جميع الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يبدو أنها خارج الرصد الحكومي والنيابي أيضا، دون التعميم بشكل خاص على السلطة التشريعية بسبب أن هناك نوابا يرصدون بدقة وبتحليل ما يتسم فيه المشهد السياسي خلال السنوات العشر الأخيرة، بينما هناك نواب يسيرون في منهج شعبوي بعيدا عن السياسة والعوامل المؤثرة في التطور الديموقراطي والمحافظة على المكتسبات الديموقراطية.
حين تقرع مؤشرات الفساد والديموقراطية أجراسها، فذلك ليس تحذيرا، وإنما تذكير بما تشهده الساحة المحلية على مختلف المستويات، فالفساد ممكن أن يغتال الديموقراطية وينتصر للمعادين للدستور والتعددية والحريات، ومثل هذه التحديات الخطرة التي يمكن أن تنال من الكويت وشعبها يفترض أن تكون ضمن الأولويات، في جلسة خاصة يتم فيها تناول سياسية مصادر الفساد واسبابه، بمسؤولية، ومناقشة حلول الحكومة وردودها، إن وجدت!
قمة الفساد الأخيرة عام 2016 في لندن بحضور دول ربما لا تخطر على البال، بينما شاركت أميركا وبريطانيا ودول اخرى ومؤسسات دولية لأهمية الموضوع ومخاطره على تطور المجتمع أينما كان، فيما غابت الكويت عن القمة المذكورة، وفقا لما نشر إعلاميا، وهو أمر محل استغراب واستفهام سياسي!
القمة تناولت محاور رئيسية أبرزها فضح مصادر الفساد وتغليظ العقوبات على الجهات والأفراد ممن يتستر على الفساد.
كان ينبغي أن يخصص مجلس الأمة جلسة خاصة للفساد المستشري في المجتمع، وأن تخضع الحكومة لمساءلة سياسية جادة، حتى تصبح مكافحة الفساد ضمن برنامج الحكومة وتحت رقابة نيابية حاسمة، فمستقبل الإصلاح يتعلق بمدى جدية السلطتين في التصدي للفساد والمتآمرين على وأد الديموقراطية.
لا يمكن للإصلاح أن يشق طريقه في أي ميدان طالما آفة الفساد تعيش وتترعرع بيننا وتتعمق المؤامرة على مكتسبات ديموقراطية دستورية!
يبدو لي أن القرار السياسي الحكومي لايزال يخضع للمحاصصة «والمحسوبية»، لذا لا بد من جرد سياسي للأولويات.
تعليقات