محمد الشريكة يستعرض مقومات إصلاح التعليم في الكويت
زاوية الكتابكتب أكتوبر 24, 2016, 12:38 ص 461 مشاهدات 0
الأنباء
وقفة- إصلاح التعليم في الكويت: حلول ممكنة
محمد الشريكة
تناولنا في المقال السابق المعنون بـ «إشكالية التعليم.. ما الحل؟» بعض المسائل الجوهرية التي تتطلب تدخلا اجرائيا لإصلاحها سعيا لتحسين الوضع التعليمي في الكويت، واليوم أتناول بعض الإشكاليات التي تتطلب إجراءات عاجلة، والاستعانة ببعض الإستراتيجيات التي يمكن لنا توظيفها حتى نحقق أعلى العوائد من إصلاح النظام التعليمي.
يقول علماء الإدارة: «إن النجاح في المؤسسات يعتمد على مدى كفاءة عناصر الإدارة»، وعناصر الإدارة هي: التخطيط، التنظيم، التنسيق، التوجيه، والمتابعة (التقييم)، ولإدراك حقيقة الواقع التعليمي لدينا يجب أن نستفيد من نتائج أداء طلابنا في الاختبارات الدولية، ومن ثم نقوم عناصر الإدارة لدينا، لنحدد مواطن الخلل بصورة واضحة، وإن كان من الناحية الإدارية.
قبل عشر سنوات كتبت مقالا في الزاوية ذاتها تناولت فيها خطر انهيار نظامنا التعليمي، وركزت فيها على القصور الواضح في الجوانب التخطيطية وسوء التنفيذ، والآن وبعد عشر سنوات نشاهد النتائج التي حذرنا منها سابقا، لذا فإن الحكم الشخصي على واقع هذا العنصر أنه غائب أو على الأقل الأداء التخطيطي لأغلب القيادات التعليمية، يمكن تصنيفه بالضعيف، وهو ما يوجب إعادة النظر في أسلوب اختيار القيادات التعليمية وطرقه، وكما اقترحنا سابقا أن يربط الترقي إلى الوظائف الإشرافية ذات الطابع التعليمي بمسار أكاديمي تطبيقي بالتنسيق والتعاون مع مؤسسات التعليم العالي، بحيث يلتحق من يرغب في الترقي بدورة أكاديمية مدتها لا تقل عن ثلاثة أشهر، ويمر بالإجراءات التقويمية المعتادة في الدورات الأكاديمية، ومن ثم تتم مقابلته وتقييمه مرة أخرى في أروقة الوزارة، هذا فيما يتعلق بعنصر التخطيط، فمهارة التخطيط لدينا ما زالت في حدودها الضعيفة.
أما فيما يتعلق بالعنصر الثاني وهو التنظيم، فنحن نعاني من عجز تنظيمي تضيع معه المسؤوليات وتتخبط الإجراءات، على الصعيد التعليمي، فهناك من يمارس مهام وهو بوظيفة غير معتمدة وليس لها أساس قانوني، وهناك من يتدخل في جميع المناحي التعليمية بصورة ترسخ الفشل بعد الفشل، وهذا ما دفعني لاقتراح إعادة هيكلة للوزارة والسعي لتفكيكها بحيث تحول الاختصاصات إلى المناطق التعليمية، وتتحول الوزارة إلى الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتعليم، على أن تلحق به بعض الإدارات المركزية، وبذلك تتحول المناطق التعليمية إلى وزارة محلية في كل محافظة تتمتع باستقلالية واسعة في الإجراءات التنفيذية على أن تصاغ السياسات العامة والمعايير في المجلس الأعلى للتعليم بعد تفعيله، كما يجب أن نعيد النظر في دور الإدارات المدرسية بحيث تعطى صلاحيات أوسع، ويكون دور المناطق التعليمية داعما للإدارات المدرسية وليس مراقبا لها، هذا ما يسمى في التربية «التطوير المستند الى الأداء المدرسي».
أما فيما يتعلق بما تبقى من عناصر في منظومة «الإدارة» وهي: التنسيق، التوجيه، والمتابعة (التقييم)، فإن غياب أو ضعف العنصرين، الأول «التخطيط» والثاني «التنظيم» يؤدي بشكل حتمي إلى ضعف أو غياب أو تخبط العناصر الباقية، وهو ما يوجب خلال هذه الفترة التركيز على تعزيز قدرات القيادات التربوية في مهارتي التخطيط والتنظيم، وأن نركز كذلك على إزالة أي تداخل وتشابك في الاختصاصات، وأن نؤسس أعمالنا وفق منهجية «حوكمة الأعمال»، بما تتطلبه هذه المنهجية من ضرورة إصدار أدلة للسياسات والإجراءات، وإيضاح النظم واللوائح، وتحديد دقيق للمسؤوليات، فإن هناك قاعدة أساسية تشير إلى أنه متى ما تم التخطيط بصورة صحيحة، وكان التنظيم دقيقا ومستوعبا، سهل التنسيق، وتيسر التوجيه، وتهيأ التقويم والمتابعة.
استذكر وأنا أكتب هذا المقال وزيرة التربية السابقة الأستاذة نورية الصبيح وكيف كان نظامنا التعليمي، وما حالنا الآن؟!
ما لا يعلمه كثير منا أن الأستاذة نورية الصبيح ضربت أروع مثال للقيادي التربوي الذي يثق فيما يقوده، حيث تخرج أبناؤها من مدارس التعليم العام، ولم يلتحقوا بالمدارس الخاصة، وتخرج في تلك الحقبة الدكتور المبدع صبيح، وكذلك الشاب المتميز عبدالمحسن، ولعل ما كانت تقدم الأستاذة نورية من جهود - حينما كانت وكيلا مساعدا- كون لديها قناعة راسخة بأن النظام التعليمي الذي تقوده محل ثقة، بينما أغلب قياداتنا اليوم تلحق أبناءها بمدارس خاصة، وهو ما يعكس عدم ثقة في النظام التعليمي العام.
تعليقات