خطورة الرشوة تكمن في أنها تُفسد أخلاق الناس.. كما يرى عبد العزيز الفضلي
زاوية الكتابكتب أكتوبر 5, 2016, 12:24 ص 451 مشاهدات 0
الراي
رسالتي- ش. ش. ش
عبد العزيز الفضلي
من أكثر السلوكيات والأخلاقيات الخاطئة التي أخذت في الانتشار بين فئات ليست بالقليلة في المجتمع، وأصبح البعض يستخدمها أو يمارسها تحت ذريعة الحاجة أو الضرورة، وآخرون على أن معظم الناس يتعامل بها، ويراها البعض الآخر على أنها من باب التهادي ولا يوجد ما يمنعها من شرعٍ أو عُرْف.
وفي الحقيقة هي محرمة شرعا، ومجرّمة قانونا، ومستهجنة اجتماعياً.
إنها قضية «الرشوة».
يتعامل بها بعض التجار لتصريف بضاعتهم في الأسواق التجارية أو الجمعيات التعاونية.
ويستخدمها بعض الفاشلين في شراء الاختبارات، فيستغلون ضعاف النفوس ومعدومي الضمير كي يسرّبوا لهم الامتحانات.
وتلجأ إليها مجموعة ثالثة للفوز بالمناقصات، وقد تكون عروضها المقدمة غير مستوفية للشروط.
وربما استخدمها بعض المتخاصمين لأكل حقوق الناس، كي يجور الحكم في المنازعات.
تطفح هذه الظاهرة على السطح بشكل أكبر مع بعض الانتخابات البرلمانية أو الاقتصادية أو الخدمية، ويرتفع سعر بيع الضمير وخيانة أمانة الصوت مع اشتداد المنافسة.
إن خطورة الرشوة تكمن في أنها تُفسد أخلاق الناس، وتضيع حقوق المستضعفين وتنشر الظلم، وتدفع إلى الإخلال بالقوانين والنظم، وفيها خيانة للأمانة، وقد تتسبب في إهدار أرواح الناس، عندما يتم التغاضي عن شروط السلامة في البنايات والمنشآت.
وفوق ذلك كله، فإن الرشوة تجلب غضب الرب، وتطرد العبد من رحمة الله تعالى كما في الحديث «لعن الله الراشي والمرتشي والرائش»... والرائش هو الوسيط بينهما. محاربة الرشوة تتحملها السلطات الثلاث (القانونية - التشريعية - التنفيذية)، كل واحدة بما لديها من صلاحيات.
مرّ عمر بن الخطاب في تجربة منع بعدها من يتولون القضاء أو الولاية من قبول الهدايا من الناس.
إذ دعا أعرابيٌ عمرَ بن الخطاب إلى وليمة، وبعدها بأيام حدثت خصومة بين هذا الأعرابي نفسه مع آخرين، فجاءت الشكوى إلى عمر، فحكم عمر بالحق لخصوم الأعرابي، فتعجب الأعرابي من حكم عمر، وكان يعتقد بأنه سيقف معه ويحكم لصالحه، فقال بنبرةٍ فيها عتابٌ «أنسيت الشاة يا عمر»؟
إن من أكبر مخاطر الرشوة، أن يتم استغلالها في زعزعة أمن واستقرار البلاد، فمن الذي يضمن ذاك الذي باع ضميره أن يخون وطنه؟
ومن يأمن من أن يستغل المتربصون شراً بالبلاد أولئك الطامعون في جمع المال الحرام، من أن يفرط بأسرار بلده أو يقوم بتخريبها، أو زعزعة أمنها.
إن محاربة هذه الآفة والتحذير من مخاطرها هو واجب على كل من بيده القدرة، فخطيب المسجد من على منبره، والمعلم في مدرسته، وصاحب القلم في مقالاته، وأصحاب القنوات الفضائية عبر شاشاتها، وأصحاب المدونات، ومن لديه حساب في وسائل التواصل المختلفة. واجب على المؤسسات الحكومية والأهلية أن تتعاون على محاربة هذه الآفة، قبل أن تفتك بالمجتمع، وقبل أن تدنس عناصر جديدة ما تزال تقاوم هذا السلوك الخاطئ، وتحرص على الصدق والأمانة في تعاملها.
تعليقات