الشخص المناسب في المكان المناسب جملة لا تعرف طريقها على ارض الواقع.. برأي زياد البغدادي

زاوية الكتاب

كتب 354 مشاهدات 0

زياد البغدادي

النهار

زوايا- القيادات بين الجينات والفيتامينات

زياد البغدادي

 

نقاش عابر مع أحد إخواني الطلبة حول التخصص المناسب الذي تقتضي المصلحة وسوق العمل دراسته كانت نهايته صادمة، فعلى قدر المسؤولية الملقاة على عاتقي تجاه اخواني واخواتي الطلاب والطالبات في توجيههم وارشادهم في جميع المجالات الدراسية كانت او الاخلاقية والاجتماعية الا انني لا استطيع ان انكر ما هو سائد ويعد امرا واقعا يمارس في العلن، فالطلبة اليوم بعمومهم يعلمون ويتعاملون مع الموضوع بشكل اقرب الى اعتباره من المسلمات وهي ان الواسطة طريقهم الوحيد لتحقيقهم النجاح في حياتهم العملية، وان الشهادة الجامعية ليست الا ورقة مطلوبة من ضمن عدة اوراق ستوضع في ملف التقديم الخاص بالوظيفة.

لم يكن هذا الحوار مع الطالب يمثل حالة فردية بل هو توجه عام لاحظته عشرات المرات وخلال سنوات، فقد زرعت لدى الشباب قناعة انه من غير الواسطة لن يكون هناك سبيل للنجاح، وقد يختلف البعض معهم في هذا التوجه اذ انهم لم يشعروا بهذه الاحاسيس لأن واسطتهم مقترنة معهم منذ ولادتهم ، فيكفي قراءة اسمائهم لتفتح جميع الابواب المغلقة وتحل حتى اكثر المشكلات تعقيدا، وهم في الحقيقة قد لا يشعرون بهذا التمييز بحسن نية او عن عمد ولكن المتابع وحده يعلم ان ما هو لهم لن يكون متوافرا لغيرهم.

هذه التجارب والمواقف ادخلتني في نقاشات كثيرة مع النفس.. كيف رسخ هذا الشعور في نفوسهم وكيف عزز وتحول من سلوك مذموم الى ميزة يتفاخر بها صاحبها على الملأ؟ فصاحب الواسطة اليوم لا يخجل ابدا من أن يقول إنه قد حصل على مراده باستخدامه لها، ولا يكترث اصلا اذا ما سلب حقوق غيره وما هو حق لهم، كيف مات الشعور وتأنيب الضمير وتغلبة الانانية على الاخلاق والصفات الانسانية؟

اشهر قليلة كفيلة بأن توضح لي الامور بشكل اكبر واكثر، دون مقدمات ورومانسيات وطنية.. كيف اتوقع ان يفكر شاب في مقتبل العمر وهو يقرأ الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي حول قضية الداو مثلا؟ او عندما يستمع لشكاوى الناس حول ضعف حيلتهم ومآسيهم في ملف العلاج بالخارج وفي نفس الوقت يسمع عن العلاج السياحي الذي فتح على مصراعيه لتلبية متطلبات اعضاء مجلس الامة؟ ما القناعة التي اتوقعها وهو يرى ويسمع عن المناقصات المليارية التي ظلت لسنوات دون انجاز او محاسبة فعلية؟ ماذا نتوقع من النشء وهو يرى العبث الحكومي في الاخطاء الاجرائية والتي كانت اخرها زيادة البنزين، او ليست نتيجة طبيعية؟

خاتمة

الشخص المناسب في المكان المناسب جملة لا تعرف طريقها على ارض الواقع في بلادنا العربية، فالمناصب موزعة بحسب جينات الشخص وسلالته فالكفاءة ليست معيارا ولا مقياسا لبقاء الشخص في منصبه، وتبقى باقي المناصب بحسب فيتامينات الشخص فصاحب الفيتامين «و» المتغذي بالواسطة كفيل بأن ينال مراده مهما كان، وكذلك المطعم بفيتامين «ق» ستمكنه القبيلة بحشدها وتأييدها ان ينال اعلى المراكز حتى وان كان لا يستحق، لتنتهي الفيتامينات عند فيتامين «ط» والذي ابتكر حديثا متصديا على هيمنة تلك الفيتامينات الا هو فيتامين «الطائفية».. اذا لم نتدارك الوضع فالقادم اسوأ.

زوايا

1 - اعتقد اننا فشلنا في التعامل مع الديموقراطية كنظام وفق تراثنا الاجتماعي وموروثنا الثقافي، اما ان نتغير او نغير النظام والا فالأسوأ لم يأت بعد.

2 - نحترم الجينات وايضا الفيتامينات ولكن ليس على حساب البلد والامة، فالمجاملات والتنازلات نهايتها دائما ما تكون مأساوية.

3 - الشخص المناسب لا يعني انه لا يخطئ ولكنه بالتأكيد ينجح في الكثير من قراراته، فلنقيم اداء القياديين ونسأل انفسنا، هل هم مناسبون؟

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك