على أصحاب القرار في الحكومة أن يختاروا مستشارين على قدر من المسؤولية.. يطالب تركي العازمي
زاوية الكتابكتب أغسطس 18, 2016, 11:34 م 403 مشاهدات 0
الراي
وجع الحروف -الصحة... وثقافة تشكيل اللجان!
د. تركي العازمي
في إبريل الماضي، قررت وزارة الصحة وقف اللجان الدائمة والموقتة لوضع ضوابط معينة.
وفي ١٢ من الشهر الجاري٬ أصدر وكيل وزارة الصحة الدكتور خالد السهلاوي، قراراً إدارياً بشأن تشكيل لجنة في كل منطقة صحية لحصر ومتابعة كل العقود التي يتم تنفيذها في نطاق كل منطقة...!
إذا كان تشكيل اللجان لا يقابله تكلفة٬ فلا بأس مع أنني ضدها لأسباب ذكرتها في وقت سابق لوزير الصحة.
لذلك٬ أرجو من وزير الصحة ووكيل وزارة الصحة وجميع الوزراء والوكلاء وديوان الخدمة المدنية، أن يتفهموا سر اعتراضنا على لجان «تفرخ» لجان من دون ضوابط أو بضوابط... فالمبدأ من أساسه خطأ: كيف؟
يقول علماء القيادة والإدارة الإستراتيجية٬ إن أي إستراتيجية عمل جديدة ذات رؤية محددة وأهداف معينة يبحث القيادي عن تحقيقها تتطلب تغييراً في الهيكل التنظيمي ليتواكب ومتطلبات الإستراتيجية الجديدة وخصوصاً في جزئية متابعة تنفيذ الأهداف ومن ضمنها العقود.
وزارة الصحة وغيرها من الوزارات والمؤسسات والهيئات يفترض أن تنشئ وحدات عمل خاصة بالإستراتيجية مهمتها متابعة العقود وتنفيذها والأهداف المرسومة في خطة العمل السنوية والخمسية٬ وهذه الوحدات تتبع المكتب الإستراتيجي الأم التابع لمكتب الوزير والوكيل ومكتب آخر يتبع سمو رئيس مجلس الوزراء، وتقوم بإعداد تغيير في الهيكل التنظيمي ويفترض أن يبادر مجلس الخدمة المدنية بهذا التغيير. فثبات الهيكل لسنوات عدة مع تغير إستراتيجيات العمل يؤكد بقاء حالة «اللا تغيير»!
مسألة تشكيل لجنة وصرف مكافأة وتغيير الأعضاء لا يعالج القصور... فالنظام من الجانب الإستراتيجي لا يجب أن يرتبط بالأشخاص، سواء استمر الوزير في منصبه أو تم تغييره لأنه عمل مؤسسي، وهو نهج لم نصل إلى ثقافة التغيير الخاصة به إستراتيجياً.
إذا كان تشكيل اللجان لحصر الردود على ملاحظات ديوان المحاسبة كما هو الحال في وزارة الصحة، فهذا يعني أنه فور انتهاء عمل اللجان ستعود الملاحظات مرة آخرى و... «لا طبنا ولا غدا الشر»!
يهمني هنا توجيه رسالة خاصة تعرض أحدث النظم المتبعة إدارياً من منظور إستراتيجي وحس قيادي احترافي، فنحن من دون إنشاء مكاتب إستراتيجية لن نستطيع القضاء على أوجه القصور الإداري في تنفيذ المشاريع (الأهداف الإستراتيجية) ولا تحسين الأداء الوظيفي.
ويهمني أيضاً مناشدة ديوان الخدمة لرفع مستوى الأداء الإداري من ناحية تعديل الهياكل التنظيمية والوصوف الوظيفية بحيث تتضمن الأهداف ونسب تحقيقها من ضمن الوصوف!
وللعلم٬ أذكر أنني عندما اقترحت هذا النموذج على إحدى المؤسسات التي عملت مستشاراً لها، ووجهت بموجة اعتراض غير مسبوقة، وهو حسب الثقافات التنظيمية، أمر متوقع يتزامن مع أي تغيير جذري، لكن الشاهد هنا إن أحبتنا لا يفضلون التغيير للأفضل، ولهذا السبب استمر الفساد الإداري وظلت الوصوف وطريقة العمل بتشكيل اللجان ثقافة متبعة ومحبذة لدى الكثير من قياديينا.
وأتمنى من أحبتنا من أصحاب القرار أن يبحثوا في الأسباب لنخبرهم بها وبالتفاصيل ليكون بمقدورهم فهم الأخطاء التي ما زلنا نعيش تراكماتها منذ عقود... و«هات تشكيل لجان» إلى ما لا نهاية بينما الدول المجاورة طبقت ما نرمي إليه.
راجعوا الهياكل التنظيمية... اسألوا عن الوصوف الوظيفية... اسألوا عن المعايير... ابحثوا في طريقة صياغة خطة العمل «هل تضمنت حساً إستراتيجياً»؟ ومن ثم نترك الحكم لكم.
ونتمنى على أصحاب القرار في الحكومة أن يحيطوا مجال عملهم قبل إصدار أي قرار بمستشارين على قدر من المسؤولية، ليرشدوهم إلى السبل المثلى للخروج من «فخ» تشكيل اللجان والبدء بتطبيق الفكر الإستراتيجي... والله المستعان.
تعليقات