توقف عن شراء عقارات في أمريكا- يكتب المحامي خالد الهاجري

زاوية الكتاب

كتب 2542 مشاهدات 0


لا يخفى على الجميع كيف أصبح شراء أي عقار داخل دولة الكويت من الأمور شبه المستحيلة ، مما أدى إلى تجمع رؤوس الأموال في البنوك وذلك رغم نزول قيمة العقار في الآونة الأخيرة ، ولقد فطن لذلك بعض السماسرة الذين استغلوا ذلك الأمر لصالحهم ، وبسرعة خيالية وجدنا توجه السوق إلى التشجيع على شراء عقارات خارج دولة الكويت. وكثيرا ما نقرأ بالصحف اليومية كيف ذهب نتيجة لذلك ضحايا كثيرون من المستثمرين الصغار في عملية شراء عقارات خارج دولة الكويت في دول عربية مثل ، المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ، أو أجنبية مثل المملكة المتحدة واسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
واليوم سننفرد في الحديث عن السوق العقاري الأمريكي والذي بلغتنا عنه شكاوى عِدة لا يستهان بها من المتضررين الذي يبحثون عن الحلول القانونية لعمليات الغش والنصب التي وقعوا ضحيةً لها دون تحرك جدي وسريع من السلطات المختصة إلى هذه اللحظة.
بعض هذه المشاكل تتلخص في الآتي:
1.) إما عدم استلام وثيقة تملك للعقار
2.) أو عدم إدارة العقار لإيجاد عائد كان يحلم به المستثمر
3.) أو الفشل في إدارة العقار وعدم انتظام العوائد
4.) وجود فرق كبير بين سعر الشراء والقيمة الحقيقية للعقار مما يصعب على المالك إعادة بيعه في سنوات قليلة لتغطية قيمته (خاصة لمن يدخل السوق بهدف المضاربة)
5.) إخفاء أو تهميش التكاليف (مثل الصيانة) والضرائب عن المستثمر والتي تؤثر بشكل جوهري على تقييم المستثمر للعقار قبل الشراء
6.) إخفاء وجود حجوزات واقعة على العقارات وقضايا من الجهات المختصة في الولايات المختلفة التي تقع فيها العقارات المعنية ضد المستثمرين
7.) تهالك بعض العقارات ووجوب هدمها بأمر من السلطات الأمريكية، وخاصةً أن غالبية المباني الموجودة عليها يتجاوز عمرها المائة عام
في البداية كنا نستغرب بساطة بعض المستثمرين الجدد في السوق العقاري وإقدامهم على الشراء دون التأكد من الشركة أو العقار محل البيع وعدم الاستعانة بذوي الخبرة لمراجعة عقودهم أو تفويضهم لإتمام عملية نقل ملكية العقار واستثماره ، حيث اكتفى عدد كبير من المستثمرين بشكل 'البوث' للمكتب أو الشركة العقارية في المعرض العقاري والدعاية الإعلامية ، والشكل الخارجي للمكتب وعدد أدواره وأفرعه ، وهذه هي المصيدة الأكبر التي اجتهدت في بنائها تلك الشركات العقارية لاستقطاب المستثمرين ، كما زُجّ ببعض أسماء العائلات الكويتية المعروفة لإعطاء ثقة وهمية للمستثمر عن أنشطة الشركة العقارية.
ثم تبين لاحقاً أن هناك خطة منظمة من هذه الشركات العقارية للإيقاع بالمستثمرين والإثراء على حسابهم من خلال بيعهم عقارات في مدينة بوفولو (Buffalo) وروشستر(Rochester) في ولاية نيو يورك (New York) ومدينة ديترويت (Detroit) في ولاية ميشقن (Michigan) وكليفلاند (Cleveland) وكولومبس (Columbus) في ولاية أوهايو (Ohio) ومدينة شيكاغو (Chicago) في ولاية ألينوي (Illinois). ولوحظ تدفق الشكاوى عليها في الآونة الأخيرة عند إدارة حماية المستهلك ورفع عليها عدد من القضايا عند مكاتب المحاماة ، بينما ارتدت هذه الشركات ثوب الوسيط العقاري لتجنب المسؤولية القانونية بعد نقل ملكية العقار للمستثمرين. وتعلم هذه الشركات في الحقيقة مساوئ العقارات التي روّجت لها عن طريق تقارير كاذبة حيث قامت بتضخيم أسعارها الحقيقية بل ووعدت باستثمارها لمدة ثابتة وخالفت ذلك ، أما العوائد التي كانت تصل لبعض المستثمرين لم تكن إلا رؤوس أموالهم الأساسية حيث رُدّ لهم جزء منها بصورة إيجارات!
ولقد ذهب رأي بعض المختصين وعدد من المستثمرين المتضررين إلى وجود شبهات أخرى حيث تم التوصل مؤخراً إلى خيوط تشير إلى شبهة وجود جرائم فساد منها التهرب الضريبي وغسيل الأموال ، وتواطؤ بعض هذه الشركات مع شركات لإدارة العقارات في الخارج ، حيث يقوم الوسيط العقاري ببيع العقار على المستثمر داخل دولة الكويت ويقوم هذا الأخير بتخويل الوسيط العقاري بالتعاقد بالنيابة عنه مع شركة في الولايات المتحدة الأمريكية لإدارة العقار. ولكن هذه الشركة الأجنبية التي تدير العقار تمسك جميع إيجارات المستثمرين وتختلق فواتير صيانة بمبالغ كبيرة لا ضرورة لها أو مُبالغ بها لتكون وسيلة ضغط وحجة لعدم دفع الإيجارات وعند التحري وتتبع الأموال نجد أن هناك صلة وطيدة بين الوسيط العقاري وشركة إدارة العقار.
ومن الملاحظ توتر أحد الوسطاء العقاريين ، وتخبطه في الآونة الأخيرة في السوق المحلي ، وتوعده بإنهاء عقود ادارة عقارات المستثمرين بشكل آني وما يترتب عليه من اهمال لعقاراتهم ، وذلك ما لم يقوموا بالتوقيع على عقود إدارة جديدة بشروط جديدة. ويشغل هذا الوسيط مكاتب في أكثر من محافظة في دولة الكويت ناهيك عن شركاته الأخرى والشركات التابعة له الموزعة في الشرق الأوسط ودول أجنبية وخاصةً الولايات المتحدة الأمريكية. والمدهش حقاً هو استمراره في محاولة بيع المزيد من العقارات السيئة من خلال السوق الكويتي رغم تراكم الشكاوى عليها وذلك لتغطية بعض خسائره ، مستغلا في ذلك الصمت التام للجهات المختصة هنا ودفع المحاكم بعدم الاختصاص ويمكن أيضاً ملاحظة تعثره في تسديد أجور موظفيه ، ورسوم اشتراكاته لدى الإدارات الحكومية ، وإنهاء عقود عدد كبير من موظفيه ، وما يتردد عن عزمه على تصفية الشركة للتملص من المسؤولية القانونية والدخول في شراكات جديدة للقيام بذات النشاط مع شركات أخرى وتحت مسمى مختلف.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ما دور وزارة التجارة والنيابة العامة والجهات الرقابية الأخرى في مثل هذه الأنشطة التجارية المشكوك فيها والتي جنت من ورائها الشركات العقارية الجشعة ملايين الدولارات، بينما تضرر منها شريحة كبيرة من المجتمع الكويتي سواء مواطنين أو مقيمين؟ وهل ما أشيع صحيحاً بأن إحدى دول مجلس التعاون قد تحركت لتقصّي أموال هذه الشركات والشركات التابعة لها والشركاء في هذه الشركات؟ وهل صحيح أن زوجة أحد المتنفذين داعم وممول قوي لهذه الشبكة من الشركات العقارية؟ وهل سيتم الحجز على أموال المتورطين وإصدار أوامر الضبط والإحضار في حقهم ومنعهم من السفر قبل فوات الأوان
نأمل ذلك حتى لا تضيع أموال المستثمرين في مهب الريح.

المحامي / خالد مبارك الهاجري

كتب: المحامي خالد الهاجري

تعليقات

اكتب تعليقك