عن استبعاد الدبلوماسيين السابقين من التكريم في ذكرى التحرير .. يكتب يوسف العنيزي
زاوية الكتابكتب أغسطس 8, 2016, 11:59 م 479 مشاهدات 0
الجريدة
زوايا ورؤى- الدبلوماسيون... «طوفة هبيطة»
يوسف العنيزي
أتابع باهتمام مقالات الأخ العزيز د. غانم النجار بعنوان 'الاستقلال وعبدالله السالم'، الذي يتحدث عن استقلال وطن عزيز يعشقه أهله منذ نشـأته، وسيرة رجل أعطى الكثير من جهده وإخلاصه، وعمل دؤوب يتميز بالرزانة والحكمة والتروي في اتخاذ القرارات؛ ليجنب وطنه الدخول في مهاترات ومغامرات غير محسوبة الجانب.
في بداية الاستقلال لم تكن الدولة تعرف بعد دهاليز السياسة الخارجية وأصولها وقواعدها، حيث كانت بريطانيا العظمى تتولى مسؤولية السياسة الخارجية، وعليه فقد اتخذ قرارا بإنشاء وزارة الخارجية، حيث تولى المغفور له الشيخ صباح السالم مسؤوليتها، كما تولى منصب وكيل الوزارة العم الفاضل جاسم القطامي، رحمه الله، كانت تلك نقطة الانطلاق نحو سياسة خارجية كانت ولا تزال تؤدي دورا مميزا، ليس في المجال العربي أو الإقليمى فقط، بل على مستوى العالم، وبشكل خاص بعد أن تولى مسؤولية الوزارة سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، وعلى مدى ما يقارب نصف قرن ليغدو أميرا للدبلوماسية الدولية.
فكانت السياسة الخارجية الكويتية خط الدفاع الأول للحفاظ على الكويت ورعاية مصالحها في كل أنحاء الدنيا، كما حدث في الثاني من أغسطس عام 1990، ففي الوقت الذي قام فيه الغزاة بإنزال رايات الوطن داخل البلاد ارتفعت الرايات خفاقة فوق سكن رؤساء البعثات الدبلوماسية في كل أنحاء الدنيا، وتحولت مقار السفارات والقنصليات إلى ثكنات في حالة طوارئ على مدار الساعة، وفي ظروف غاية في الصعوبة والقسوة، بين وطن يحاول المعتدي سلبه الحياة وتدمير كل مقومات الدولة، وبين مجتمعات ومنظمات وجماعات ساندت المعتدي في عدوانه، فقامت بغرس خناجر الغدر والخيانة في ذلك القلب الذي لم يبخل بالمساعدة على مساحة الدنيا.
كنت أتولى في تلك الفترة مسؤولية رئاسة البعثة الدبلوماسية في جمهورية الجزائر، حيث كانت أغلب مكونات الشعب الجزائري تتعاطف وتؤيد المعتدي في عدوانه، فكنا نشعر مع إخوة أعزاء من أمثال الأخ العزيز سامي الإبراهيم وسعادة السفير حمد بو ارحمة، والأخ العزيز فوزي المضف، والأخ العزيز بدر العتيبي، رحمه الله، وكأننا نجدف في بحور من الحقد والكراهية، حتى وصل الأمر إلى التهديد بالخطف والاغتيال وإيذاء العائلة والأولاد، وأنا على يقين أن كل الدبلوماسيين في سفارات الكويت بالخارج كانوا في ذلك الوقت في حالة طوارئ على مدار الساعة، وعلى استعداد للجود بـأرواحهم في سبيل الوطن.
المؤلم في الأمر أنه منذ التحرير حتى يومنا تم تكريم أعداد من القياديين والمسؤولين في الكثير من مؤسسات الدولة، وتم استبعاد الدبلوماسيين والسفراء السابقين من أي تكريم، بل وصل الأمر إلى حرمانهم من مكافأة نهاية الخدمة، مما أدى بالضرورة إلى اللجوء إلى القضاء، وهم من كانوا يمثلون الدولة في كل أرجاء العالم، حتى وصلنا الآن إلى تخفيض رواتب الدبلوماسيين بإلغاء الدعم عن جزء من رواتبهم، ولعلها حقيقة أن أعدادهم لا تشكل رقما في معادلة الانتخابات البرلمانية.
وهنا لا بد من كلمة شكر وتقدير للنائب الأخ الفاضل مبارك الخرينج على موقفه الداعم لإخوانه الدبلوماسيين، فلم يكن بعيدا عنهم، ولعل شهادتي مجروحة بالأخ 'بوفيصل' فقد عرفته عن قرب مدافعاً شرساً عن الحق، وإن هذه كلمات عتب من محب لوزارة الخارجية التي قضيت بها جل عمري.
حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.
تعليقات