حذاء الطنبوري وحذاء الطبطبائي
عربي و دوليتطور أشكال الدعم للفلسطينيين في الخليج العربي
يناير 2, 2009, منتصف الليل 2596 مشاهدات 0
في ديوان العرب ورد أن الطنبوري كان من زبائن الاسكافي الدائمين في بغداد، محافظا على حذاء عنده بالترقيع فيه من كل جانب حتى أكثر عليه الناس اللوم والاستهزاء . فرماه في القمامة لكن رجل مر بالنفايات وشاهد حذاء طنبوري ولم يتصور أنه سوف يرمي حذاءه لشدة بخله فقرع عليه الباب ولما لم يرد عليه احد رمى الحذاء من نافذة مفتوحة فهشم زجاج مسك كان الطنبوري للتو قد اشتراه . رأى الطنبوري ذلك الحذاء بجانب الزجاجات المهشمة عندما عاد فقال لعنك الله من حذاء . فذهب به إلى النهر وألقاه هناك فوجده صياد وأعاده للطنبوري الذي ما كان منه إلا أن رماه فوق السطح . لكن قط جائع قام باختطافه، وقفز القط من سطح إلى سطح فسقط منه الحذاء على امرأة حامل فأسقطت حملها، فحكم القاضي على الطنبوري بدية الجنين وعاقبه على فعلته وأذيته لجيرانه ، وأعاد إليه الحذاء , فقال لعنك الله من حذاء. ثم أنه ألقاه في المجاري وبعد أيام سدت المجاري فلما وجد عمال التنظيف حذاء الطنبوري حبسه القاضي وجلده وأعاد إليه الحذاء فقال لعنك الله من حذاء. قرر الطنبوري دفن الحذاء في حفرة وشرع في الحفر بجانب جدار في تلك الليلة ، فسمع الجيران صوت الحفر فظنوا أنه لص يريد فتح الجدار فقام القاضي بجلده وحبسه بتهمة السرقة وأعاد إليه الحذاء، فقال لعنك الله من حذاء.ثم قرر ترك الحذاء أمام باب المسجد ، وصادف أن السلطان كان يصلي ذلك اليوم في نفس المسجد ولما خرج لم يجد حذاءه ، وبالطبع كان صاحب آخر حذاء هو السارق لحذاء جلالته فلم يبق إلا حذاء الطنبوري الذي دفع قيمة حذاء السلطان بعد جلده وسجنه شهورا ثم خرج وأُعيد إليه حذاؤه فقال لعنك الله من حذاء. وخرج الطنبوري بالحذاء الى الصحراء وحفر ليدفنه فألقت الشرطة عليه القبض واتهم بقتل رجل تصادف وجود جثته في نفس المكان، والدليل عليه وجود حفرة تحت الجثة مدفون فيها كيس ذهب ، حيث قدرت الشرطة حتمية عودة القاتل بحثا عن الذهب وأخذوا في مراقبة المكان وكان أن جاء الطنبوري ، فالقاه القاضي في السجن انتظارا ليوم قتله، لكن حجج الطنبوري واعتراف القاتل الحقيقي أنقذته في آخر لحظة . فأطلق القاضي سراحه لكنه رفض الخروج من السجن إلا بعد ان كتب له القاضي صك براءة بينه وبين حذاءه .
لإخواننا في بغداد حق نيل كسب قصب السبق في تسمية مراحل حياة هذه الأمة، ففي زمن الانقلابات العسكرية نال بكر صدقي لقب أول من قاد انقلاب عسكري في الوطن العربي1937م،وفي زمن الضم والاستحواذ جاء عبد الكريم قاسم1961م وفي زمن المعتدين جاء الطاغية صدام 1990م، وفي في زمن ثقافة الأحذية العربية نال منتظر الزيدي لقب أول من امتشق حذاءه دفاعا عن شرف الأمة2008م . النائب الفاضل وليد الطبطبائي أمتشق حذاءه اقتداء بالزيدي بدعوى إن الجوار الجغرافي يعطيه الأحقية في الدور، ورفعه في مهرجان دعم غزة في ساحة الإرادة يوم الأحد الماضي 28 ديسمبر 2008م معلنا أن هذا الحذاء من قياس 41 ومن ماركة Hush Puppies التي تنتج الأحذية الأميركية منذ 1958م سوف يكون سلاحه الذي يرفعه في وجه من ظلم الفلسطينيين سواء كان محمود عباس أو غيره من الصهاينة .
تسيبي لفيني وزيرة الخارجية الإسرائيلية لم تعلن الحرب على الشعب الفلسطيني بحذائها، بل بطائرات الاباشي – القوس الطويل AH-64D Longbow Apache المصنوعة من قبل شركة بوينغ الأميركية ، وشتان مابين سلاح الطبطبائي وسلاح لفيني رغم ان بلد الصنع واحد . لأن مابين مفهوم الحرب الطبطبائية ومفهوم الحرب اللفينيه (تسيبي لفيني ) بون شاسع، لكن دلالاتها تلخص الفرق بين (فزعة) أهل الخليج قبل عقود قليلة وبين موقفهم الحالي. ومن ذلك تركيز الباحثون على إن الكويت مثلاً، كانت العش الذي انطلقت منه الثورة الفلسطينية في شقها السياسي والمالي والدعائي، لكن المجهول هو إن الكويت كانت أول عش انطلقت منه صقور الثورة المقاتلة ، حيث تم إنشاء معسكر الدوحة وتخرج منه أربع دفعات من المقاتلين الفلسطينيين تحت إشراف ضباط كويتيون منهم المرحوم العميد وجيه المدني و حمد الشاهين الغانم وعبد الوهاب العوضي وعلي المؤمن و فايز الخضرا .
في بلدان النفط والمليارات جاء دعم دبي للفلسطينيين بإيقاف الاحتفالات بالسنة الجديدة ، وفي الرياض أعلن المستشفى التخصصي فتح باب التبرعات بالدم لصالح غزة ، وفي الكويت جاء موقف الطبطبائي ومزاده على حذاءه كالجزء الطريف من الموقف الخليجي العام تجاه مايجري في غزة. لكن الجزء الثقيل هو بيان مجلس التعاون الخليجي عن أحداث غزة ، حتى أن معمر القذافي لم يتردد ليلة البارحة عن وصف البيان الخليجي بأنه (( لا يعدوا أن يكون تقريرا إخباريا كالذي تبثه وكالات الإنباء، ولن يكون بيان القمة العربية لو عقدت بعيد عنه )) . لا نشك في حسن نوايا النائب الفاضل وليد الطبطبائي وقد يبيع حذاءه ويعود ريعه دعما لأهلنا في غزة وشهدائها وخدمة للقضية الفلسطينية، لكن اختيار أن يكون بيع الأحذية هو شكل دعمنا الجديد لأخواننا في فلسطين معناه اختيار أن نكون مثل الطنبوري وسيعود لنا الحذاء بتبعاته دون شك .
تعليقات