الكرفته و الترشيد !- يكتب عبدالعزيز الدويسان
زاوية الكتابكتب يونيو 29, 2016, 6:18 م 1305 مشاهدات 0
في صيف عام 2005 وجدت وزارة البيئة اليابانية أن معدل استهلاك الكهرباء في ارتفاع مستمر، وأن موارد الطاقة اليابانية تحتاج إلى ترشيد عاجل ، فقامت وزارة البيئة بحملة تم وضع زمن محدد من يونيو إلى الثلاثين من سبتمبر كفترة تجربة يتم على أساسها اتخاذ قرار التكملة أو إلغاؤها ، اعتمدت الحملة في فترة تجربتها على شقين ، الأول مطالبة الموظفين اليابانيين الحكوميين ثم موظفي القطاع الخاص ثم عموم المواطنين بتثبيت درجة حرارة أي جهاز تكييف في اليابان على 28 وعدم خفضه درجة واحدة عن ذلك ، أما الشق الثاني فتعلق بإجابة سؤال (كيف نمارس وظائفنا في درجة حرارة مرتفعة بتكييف مثبت على 28؟)، وأجابت الحكومة حينها أن الحل في عدم حضور أي موظف ياباني مرتديًا ملابسه الرسمية الكاملة ( بدله / ربطة عنق) واستبدال ذلك بملابس قطنية خفيفة تساعد على تنفس مسام الجسم وتكون ماصة للرطوبة !
كان الطلب الأول (درجة برودة التكييف) بشعًا بما يكفي ، لكن الثاني كان معاناة حقيقية بالنسبة لليابانيين واعتبروه علامة ضخمة على عدم التهذيب ، وبعض أعضاء وزارة الخارجية اليابانية وبعض موظفي الشركات الخاصة اشتكوا من شعورهم بالدونية والإساءة لمن أمامهم من وفود أجنبية رسمية أو خاصة وهم يرتدون ملابسَ خفيفة صيفية بينما نظراؤهم يرتدون ملابس رسمية كاملة ، وجزء مهم من حل المشكلة كان إلتزام أهم مسئولي الحكومة اليابانية بالحملة وشروطها وعلى رأسهم (جونيتشيرو كوريزومي) رئيس الوزراء وقتها.
في الثلاثين من سبتمبر خرجت النتائج للشعب الياباني ، إلتزام عدد كبير من الشعب بالملابس الخفيفة أدى إلى التزامهم بدرجة حرارة 28 واحتمالهم لها ، وجود ملايين المكيفات على هذه الدرجة أدى إلى تخفيض 460 ألف طن من إجمالي انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون بما يعادل حجم ثاني أوكسيد الكربون المنبعث من مليون أسرة يابانية ، أما الكهرباء فقد تم توفير 210 مليون كيلو وات/ ساعة في الفترة من يونيو لآخر سبتمبر .
ووزارة التربية في دولة الكويت نشرت تعميما على الادارات المدرسية والمناطق التعليمية عليها الالتزام بترشيد الكهرباء في المدراس ، وحددت درجة الحرارة في المدارس بـ ٢٧ درجة مئوية ، ووضعت مجموعة من التعليمات الأخرى للترشيد .
دائما وأبدا نقرأ ونتابع ونشيد في الامور الايجابية في العالم أجمع ، ونحن نجيد التنظير أكثر من التطبيق ، حس الفرد الوطني والشعور بالمسؤولية اتجاه الوطن مطلب وتعبير للحب عن الوطن ، اليابان مرات ومرات تقدم الدروس والعبر ، الترشيد بدأ من السطلة العليا مرورا بجميع الموظفين ، ونحن في الكويت من أكثر دول العالم في استهلاك الطاقة ، الترشيد لما له من خفض التلوث البيئي وتقليل تكاليف الميزانية سواء للفرد أو الدولة ، هل تعودنا على الاسراف واللامبالاة في استخدام الطاقة ! فحب الوطن ليست مجرد هوية تُحمل ، بل شعور وانتماء وولاء للوطن ويتحقق ذلك من خلال شعور المواطن بالمسؤولية تجاه الوطن .
تعليقات