ما يحدث في اعلى اماكن لصناعة القرار وتداول السلطة هو نتاج لثقافة مجتمع.. برأي هيلة المكيمي

زاوية الكتاب

كتب 458 مشاهدات 0

د. هيلة المكيمي

النهار

حياد إيجابي- ثقافة فرد أم مجتمع؟

د.هيلة المكيمي

 

تصرفات النواب وممثلي الامة في جميع المجتمعات عادة ما تكون تحت الانظار حيث ترصدها الاعين والكاميرات ويتم تداولها في مختلف وسائل الاعلام لاسيما تلك التصرفات الملفتة للنظر، فالمجتمعات التي تتسم بالرقي في الطرح عادة ما يتم تداول كلمات مؤثرة يلقيها نائب او مناظرة مابين نائب ورئيس وزراء، بل ان هذا ما حدث خلال هذا الشهر حينما تداول الجميع تلك المناظرة المهمة لرئيس الوزراء الكندي، في المقابل تظهر بين الحين والآخر تصرفات عنيفة تصدر لاسيما عن المجتمعات الاسيوية سواء كانت العربية او غير العربية، فهناك مشاهد شهيرة لتشابك الايدي في البرلمان الياباني والكوري، وكذلك هناك مشاهد ضرب مبرح من البرلمان التركي، وعلى ما يبدو ان البرلمان الكويتي اصبح هدفا لتلك المشاهد منذ فترة ليست بالبسيطة، ما يدفعنا للتساؤل عن اسباب لجوء النواب للعنف سواء كان اللفظي او الجسدي، في حين ان النائب يملك ادوات مهمة ومؤثرة لاسيما في التشريع والمراقبة؟

مما لاشك فيه ان اي تصرفات مسيئة تصدر تحت قبة برلمان أي بلد تدخل في السجل التاريخي لديموقراطية هذا البلد، بل انها مؤشرات حول قدرة القائمين على صناعة القرار في ادارة الامور بعيدا عن العنف والثأرية والشخصانية، وحقيقة تلك السمات تشكل المسببات الرئيسة لتخلف مجتمعاتنا، فالكثير من العرب ليس لديه مرونة العمل السياسي والقبول بالاختلاف، ولهذا سرعان ما يستأثر وتلك بلا شك عقليات شكلت ولا تزال تشكل عقبات حقيقة في التقدم والانفتاح، فالمجتمعات العربية في حاجة لكل العقول لنهضتها ولا يمكن تصنيفها بشكل ساذج مابين المع والضد وهذا ما يفسر تقدم الغرب الذي ينفتح على جميع العقول بعيدا عن هويتها الدينية او العرقية او المذهبية. كما ان اللجوء الى العنف هو دليل على ضعف الحجة وفقدان القدرة على التعبير اللغوي ما يؤكد خلو المضمون، بل ان لكلمة الحكمة وقعا أكثر من السباب والشتائم والعنف الجسدي والتاريخ اللغوي للغتنا الجميلة زاخر بتلك المقولات المهمة ولكن اين هي على ارض الواقع؟ ولماذا يكتفي البعض بتناقلها عبر رسائل الهاتف للتذكير بين الحين والآخر في حين يتناسى اتباعها في اوقاتها المهمة؟

لاشك ان ما يحدث في اعلى اماكن لصناعة القرار وتداول السلطة هو نتاج لثقافة مجتمع شاركت في صناعتها الاسرة والمحيط الاجتماعي والاعلام والتعليم والمناهج التربوية، فهي لم تأتِ من فراغ، ما يعني ان ما يظهره الافراد من تصرفات هي ليست فقط ناتجة عن ثقافة فرد بل ايضا ثقافة مجتمع، ما يعني تحملنا جميعا انعكاسات تلك الممارسات الايجابية منها والسلبية وكيف ينظر الآخر حول مدى جديتها في بناء ديموقراطية قادرة على تحقيق السلام المجتمعي.

المؤسف في المشهد ان زيادة تلك الممارسات تأتي مع قرب موعد الانتخابات القادمة والتي يتوقع لها البعض انها ستكون خلال الاشهر القليلة المقبلة حيث لم يتبقَ الكثير من عمر المجلس الحالي، وكل انتخابات وأنتم بخير.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك