55 عاماً … على استقلال الكويت.. بقلم عبد الله زلطة
زاوية الكتابكتب يونيو 20, 2016, 12:06 ص 619 مشاهدات 0
السياسة
55 عاماً … على استقلال الكويت
د. عبد الله زلطة
في 19 يونيو 1961 ، قطع راديو الكويت إرساله ليذيع خطابا مهما لسمو الامير الشيخ عبدالله السالم الصباح، أدخل البهجة والسرور في نفوس جميع المواطنين والمقيمين على أرض هذه الدولة الفتية الناهضة. كان جوهر خطاب سمو الامير والبيان الذي أصدرته سكرتارية حكومة الكويت – التي سنتحدث عنها في مقالة لاحقة – اعلانا وايذانا ببدء صفحة جديدة في تاريخ منطقة الخليج العربي.
تذكر الوثائق السرية البريطانية التي أعلنت رسميا العام 1991، أي بعد مرور 30 عاما على استقلال الكويت، القصة الكاملة للرسائل المتبادلة بين سمو الأمير عبدالله السالم والسير ويليام لويس المقيم السياسي البريطاني في منطقة الخليج، والدور المهم الذي اداه إدوارد هيث المسؤول عن مكتب الشؤون الخارجية بالحكومة البريطانية، في إعداد وصياغة المذكرات كافة المرفوعة لمجلس الوزراء البريطاني والتي مهدت لاستقلال الكويت.
ففي ربيع العام 1961 اعد إدوارد هيث مذكرة سرية تدارستها الحكومة البريطانية في جلستها المنعقدة بتاريخ 6 أبريل من ذلك العام ، بشأن مايقترح عمله تجاه مطالب أمير الكويت الذي كان مصرا على استقلال بلاده عن بريطانيا. وكتب هيث في مذكرته المرفوعة لمجلس الوزراء : ان العلاقات بين الكويت والمملكة المتحدة تستند الى “الاتفاقية الخاصة” لعام 1899 التي تعهد بموجبها أمير الكويت بالأصالة عن نفسه وورثته وخلفائه بأن لايتنازل ولا يبيع ولا يؤجر ولا يرهن ولا يعطي للتملك أو لأي غرض آخر، أي جزء من أراضيه الي حكومة أو رعايا اي دولة اخرى من دون الموافقة السابقة لحكومة صاحبة الجلالة على هذه الأغراض .
وقال هيث في مذكرته : ان اتفاقية 1899 لاتعني في حد ذاتها أن الكويت تحت الحماية البريطانية ، لكن موضوع الحماية أشير إليه في الثالث من نوفمبر العام 1914 ، ضمن رسالة من المقيم السياسي البريطاني في الخليج ، لدي اندلاع الحرب العالمية الاولى 1914 – 1918، وحملت تلك الرسالة اعتراف الحكومة البريطانية أن مشيخة الكويت مستقلة تحت الحماية البريطانية . وجرى التأكيد على ذلك في رسالة غير منشورة ومؤرخة في 21 أكتوبر العام 1958 بعثها المقيم السياسي البريطاني في الكويت الي أميرها. وجاء في تلك الرسالة : «اننا سوف نظل مستعدين ، كما كنا في الماضي ، لتوفير اي دعم ، قد يكون ضروريا ، فيما يتعلق بعلاقات الكويت مع الدول الاخرى”.
وفي الرابع من شهر فبراير العام 1959 جرت الإشارة في البرلمان البريطاني الي أن إمارة الكويت هي دولة مستقلة تلتزم حكومة صاحبة الجلالة حمايتها.
وينتقل إدوارد هيث في الجزء الثاني من مذكرته المرفوعة لحكومته ، الى مناقشات جرت في مجلس الوزراء البريطاني في شهر نوفمبر العام 1958 ، وصدر بعدها إعلان يشير الى ان الكويت أصبحت مسؤولة تماما عن إجراء علاقاتها الدولية. وجعل ذلك الإعلان اتفاقية العام 1899 منتهية المفعول.
وأشار هيث في مذكرته الى انه وزير خارجية بريطانيا السابق اقترح في شهر مايو عام 1960 انه نتيجة لهذا الإعلان ” إذا أثار أمير الكويت موضوع إعادة النظر في الاتفاقية الخاصة فإنني ارى منح المقيم السياسي في الخليج ، أو الممثل السياسي في الكويت ، صلاحية الإجابة بنفسه بأنه متأكد أن حكومة صاحبة الجلالة ستكون مستعدة لدراسة هذا الأمر ). ونبه إدوارد هيث في مذكرته الى ان أمير الكويت أثار هذا الموضوع فعلا ، ويرغب في الحصول علي الاستقلال التام، فقد أبلغ الشيخ عبدالله السالم المقيم السياسي البريطاني في الرابع من شهر يناير العام 1961 انه يري أن الظروف شهدت تغيرات أساسية عما كانت عندما وضعت اتفاقية العام 1899 ، وأنه لم يبق من تلك الاتفاقية شيء إلا علاقات الصداقة القوية التي تربط بين البلدين. ونقل عن أمير الكويت قوله إنه يرغب الآن في عقد اتفاقية مع حكومة صاحبة الجلالة ، تستبدل اتفاقية 1899، وتؤكد علي هذه الصداقة وعلى استعداد بريطانيا لمساعدة الكويت. وقال هيث في مذكرته: ان أمير الكويت تواق الى إتمام هذا المطلب، قبل أن يغادر المقيم السياسي البريطاني منطقة الخليج في شهر مايو من العام 1961″.
ووفقا لما ورد في مذكرات أنتوني ناتنغ وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية ، والتي نشرت عام 1992 ، فإن إدوارد هيث اقترح ، في مذكرته السرية المرفوعة لمجلس الوزراء البريطاني في 6 أبريل العام 1961 ، أن تأخذ الحكومة البريطانية في حسابها العوامل التالية:
أ – أن اتفاقية عام 1899 لاتتفق مع مسؤولية الكويت عن شؤون علاقاتها الدولية ، مما يجعل بريطانيا مجردة من مبررات معارضة وجهة نظر الأمير القائلة ان هذه الاتفاقية لم تعد صالحة ويجب استبدالها.
ب – أن استمرار الوصول الي موارد النفط الكويتية وبالاسعار الأفضل يعتبر حيويا للمصالح البريطانية ، وأن هذه المصالح سوف تتعرض للخطر إذا خسرت الكويت استقلالها. وهو لذلك ينصح بأن تواصل الحكومة البريطانية تقديم المساعدة للكويت لصيانة استقلالها.
ج – أن الاتفاقية الجديدة بين المملكة المتحدة والكويت سوف تعرض طرفيها للهجوم باعتبار أنها تمثل “علاقة امبريالية” ولا تتفق مع التطورات الجارية في أماكن اخرى من العالم المعاصر.
وتحدثت مذكرة إدوارد هيث – التي تعد من أهم الوثائق في تاريخ العلاقات الكويتية البريطانية – عن ثلاث صيغ يمكن مناقشتها مع أمير الكويت الشيخ عبدالله السالم الصباح، بافتراض أن الحكومة البريطانية موافقة علي إنهاء اتفاقية عام 1899، وعلي قبول إصرار الأمير علي الحصول علي بعض التأكيدات بأن إنهاء الاتفاقية المذكورة لن يقلل من التزام بريطانيا بحماية الكويتيين، وفق ماجاء بالرسالة المنشورة في الثالث من شهر نوفمبر “تشرين الثاني” العام 1914، والرسالة غير المنشورة بتاريخ 21 أكتوبر عام 1958. وقال هيث في مذكرته: “ان كلا من الصيغ الثلاث سوف تتضمن توقيع اتفاقية دولية ملزمة، يتعين تسجيلها لدي هيئة الأمم المتحدة” فما هي تلك الصيغ الثلاث؟ وكيف تطورت الأحداث حتى تم استقلال الكويت بالفعل في 19 يونيو 1961؟ هذا مانتعرف عليه في مقالة اخرى أن شاء الله تعالي.
تعليقات