استشراء الفساد وغياب القوانين العادلة يهزان ثقة الناس بمؤسسة الدولة.. برأي بدر الديحاني
زاوية الكتابكتب يونيو 19, 2016, 11:18 م 350 مشاهدات 0
الجريدة
زوايا ورؤى- عن انحياز الدولة وترهل مؤسساتها
د. بدر الديحاني
استشراء الفساد في المنظومة السياسية، وغياب العمل المؤسسي والقوانين العادلة يهزان ثقة الناس بمؤسسة الدولة وقدرتها على حمايتهم اجتماعياً وحفظ حقوقهم المدنية، وبالتالي يتمسكون أكثر بالتشكيلات الاجتماعية السابقة لتشكل الدولة الحديثة مثل القبيلة والطائفة والعائلة، حيث يشعرون أن لهم 'ظهرا' يحميهم ويُمكّنهم من الحصول على حقوقهم.
ماذا نتوقع، على سبيل المثال لا الحصر، من شاب بذل قصارى جهده ووقته كي يتخرج من الجامعة بمعدل دراسي مرتفع، ثم يتفاجأ عند تقديمه على وظيفة في هيئة حكومية أن معيار المفاضلة بين المتقدمين، بعد تجاوز الشروط الأولية الواردة في الإعلان الرسمي، ليس المعدل الدراسي أو الجدارة والكفاءة الشخصية، بل مجرد الاسم الأخير للمتقدم في البطاقة المدنية، أو درجة نفوذ من يقوم بعملية 'الواسطة'، أي مدى قربه من الدائرة الضيقة لسلطة اتخاذ القرار؟ هل نلوم هذا الشاب بعد ذلك إن أصيب بالإحباط، وشعر بالتهميش، وتشوهت صورة مؤسسة الدولة في نظره، واهتزت ثقته بعدالتها وقدرة أجهزتها على حمايته وحفظ حقوقه الاجتماعية والمدنية؟ وهل نلومه إن لجأ، بعد ذلك، إلى أحد أفراد عائلته، أو إلى شخص متنفذ من قبيلته أو طائفته، أو اضطر لدفع رشوة واستخدم طرقاً غير قانونية كي يحصل على حقوقه الضائعة في أجهزة الدولة التي من المفترض أن تكون من أولى أولوياتها تلبية حاجات الناس، وحل مشاكلهم العامة، وحفظ حقوقهم جميعاً، وإرساء قواعد العدالة الاجتماعية والمساواة، وتكافؤ الفرص، أي عدم التمييز بينهم بناء على عوامل غير موضوعية؟
استشراء الفساد في المنظومة السياسية، وتجيير أجهزة الدولة وقوانينها لخدمة مصالح فئة أو شريحة اجتماعية معينة، يُضعِفان الدولة كمؤسسة دورها حماية أفراد المجتمع كافة، ويُدمّرانها تدريجياً وصولاً إلى الدولة الفاشلة التي لا تستطيع القيام بوظائفها الاجتماعية الأساسية، فتبرز، عندئذ، التشكيلات الاجتماعية الأولية، التي نشأت قبل تشكُّل الدولة الحديثة مثل القبيلة والطائفة والعائلة، فتحل محلها وتقوم بدورها الاجتماعي.
وعند ازدياد مظاهر انحياز الدولة وفشلها في القيام بوظائفها الأساسية من الطبيعي أن تقوى النعرات الطائفية، والفئوية، والجهوية، والمناطقية، ويستهتر البعض بالقوانين العامة، ولا يحترمون مؤسسات الدولة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى فوضى اجتماعية-سياسية، ويُضعِف الوحدة الوطنية المطلوبة لتماسك الدولة واستقرارها وتقدمها، والتي من المفترض أن تقوم على أساس المواطنة الدستورية المتساوية في الحقوق والواجبات مع حفظ الحق في الاختلاف، وحماية التعدد والتنوع الاجتماعي والثقافي.
تعليقات