جميع الأطراف تشترك في تحمل المسؤولية - على الطراح يكتب عن يمن العروبة ومحادثات الكويت
زاوية الكتابكتب مايو 21, 2016, 12:05 م 647 مشاهدات 0
علي الطراح
يمن العروبة ومحادثات الكويت
جريدة الاتحاد
بعد تعثر المفاوضات بين أطراف الصراع اليمني، يبدو أن جميع الأطراف تشترك في تحمل جانب من المسؤولية، ولعل مما يعقد المفاوضات تباعد مواقف الأطراف المتصارعة نفسها، وغياب الرؤية الخليجية المشتركة حيال طبيعة الصراع اليمني. ولدى السعودية رؤيتها الخاصة والمساندة للحكومة الشرعية اليمنية، والكويت تحاول أن تظهر بمظهر المحايد وإن كانت ملزمة أيضاً بالمشاركة في تدخل والتزام التحالف العربي والإسلامي، وهو موقف يعود لطبيعة التوازن مع الجار الإيراني، وهذا موقف ينبع من قراءة لطبيعة المتغيرات الإقليمية والعالمية. وسلطنة عمان حافظت على سياساتها في النأي بالنفس. والإمارات العربية المتحدة، مكون أساسي في المشاركة والتزام التحالف مع السعودية تجاه اليمن وفي مساعدة الشعب اليمني. وقطر تتبنى سياسة خاصة بها حيال الإسلام السياسي. والبحرين لديها مشاكل مرتبطة بالتدخل الإيراني في الشأن الداخلي. نحن أمام سياسات خليجية ما زالت في حاجة إلى مزيد من التنسيق والعمل المشترك والانسجام في فهم طبيعة التهديد وعوامل الاستقرار في الإقليم الخليجي.
وعلى المستوى الدولي، هنالك أيضاً تغيير في السياسة الأميركية نحو دول الخليج العربي ودول المشرق العربي أيضاً، لكون المنطقة تحولت إلى بؤر صراع مدمر يمتد إلى سياقات واستقطابات عالمية واسعة، وفي ظل قوى وأطراف غير قادرة أحياناً على تفهم مسؤولياتها، ولا تملك المبادرة في تشخيص سياساتها التي تسببت بحالة الانقسام والهشاشة التي تنخر بؤراً ملتهبة كثيرة من النظام الإقليمي، ومن ورائه في المشهد الدولي ككل.
وفي رأيي أن الشعب اليمني بمكوناته الاجتماعية والسياسية يدفع ثمن سياسة اللامبالاة في فترات سابقة سواء في الداخل، أو على مستوى دول التعاون الخليجي. والخلاف المفصلي في المحادثات اليمنية يتجلى في استيعاب طبيعة المكون اليمني، فلا يمكن لأي طرف أن يعزل الآخر، ولا مجال إلا للتلاقي بين مختلف الأطراف والأطياف حول الهم اليمني المشترك. وعلى التمرد الحوثي أن يدرك أن الطبيعة اليمنية لا تقبل المعادلة الإيرانية المذهبية، ولا مفر من الاعتراف بهذه الحقيقة. وأما الحكومة اليمنية الشرعية فعليها كذلك فهم بعض أبعاد الخصوصية اليمنية. والصراع منهك للجميع ولابد أن ينتهي سياسياً، حيث من الواضح أن الحسم العسكري ليس بالضرورة هو الحل الوحيد للمعضلة التي تسبب فيها التمرد الحوثي. ولعل تشكيل مجلس انتقالي يكون أحد المداخل الممكنة لحل النزاع. وعلى الجانب الحوثي أن ينخرط سياسياً، وليس مذهبياً، في المشهد اليمني بما لا يتعدى على الشرعية. وإذا كان حل يراعي مصالح المناطق في الشمال والجنوب يشكل ركيزة لحل النزاع، فهنالك من قد يرى أن علينا التعامل بمرونة لأجل إخراج اليمن من حاله الصعب.
وفي ظل حالة الفوضى تمكنت «القاعدة» و«داعش» من تأسيس بؤر تهديد لجميع الأطراف المتصارعة، ومن ثم فإن الإجماع على إنقاذ اليمن ينبغي أن يشكل ضرورة ملحة لدول مجلس التعاون، التي يتعين عليها السعي لتبني سياسة في المستقبل تقترب من الانسجام في تشخيصها لطبيعة الصراع في الإقليم الخليجي، وفي ظل المتغيرات الدولية التي يصعب إغفالها في إعادة بناء سياسة خليجية مؤثرة قادرة على فهم المتغيرات الدولية. أما الجانب الإيراني، فعليه أن يكفّ تدخلاته، ويدرك أن لعبة الصراع المذهبي لن تتكشّف إلا عن المزيد من البؤر والصور للنموذج الإسلاموي الفاشل في الحكم، والصراعات العبثية وغير المجدية.
تعليقات