فقراء علي أنهار النفط! .. بقلم عبد العزيز الكندري

زاوية الكتاب

كتب 751 مشاهدات 0

عبد العزيز الكندري

الراي

ربيع الكلمات- فقراء على أنهار النفط!

عبدالعزيز الكندري

 

‎«عندما يبدو لك أن كل شيء يسير ضدك، تذكر أن الطائرة عندما تبدأ في الإقلاع فإنها تنطلق عكس الرياح وليس معها».

هنري فورد

‎أصبحت البطالة في العالم العربي والخليج واضحة وكبيرة والأرقام تؤكد هذا الشيء، وهي مشكلة اقتصادية واجتماعية ونفسية وحتى أمنية... والإحصاءات والأرقام أصبحت كبيرة ومخيفة في الوقت نفسه، والبطالة من أهم التحديات التي تسبب الفقر، وأسباب البطالة كثيرة وكبيرة منها التعليم الذي يعتمد على التلقين، و أصبحت مخرجاته لا تتناسب مع سوق العمل والمهارات التي يحتاجها.

‎إضافة إلى سوء الإدارة في العالم العربي، حيث لا يتم النظر إلى الكفاءة والمهنية عند اختيار بعض أصحاب القرار، وتجد هناك شبابا في عمر الزهور معهم شهادات جامعية ولا يجدون وظائف، هذا مع وجود حجم الثروات الهائل لدى الدول العربية. ويقول الخبير الاقتصادي عبدالعزيز العويشق: «جامعاتنا تساهم في زيادة معدلات البطالة لأنها ترفع من التوقعات في شأن الرواتب من دون أن تعمل على نقل المهارات اللازمة».

‎ومع كل أسف، فإن العالم العربي هو الأغنى والأفقر في الوقت نفسه، ففي الدول العربية والخليجية العديد من الخيرات والثروات الطبيعية والبشرية، هناك النفط والأنهار والأراضي الزراعية والأماكن السياحية والأيادي العاملة، وغالبية سكانه من الشباب دون سن 25 عاما، ومع كل هذه الخيرات والغنى، تجد أن أكثر الفقراء في العالم العربي، وأكثر الأماكن التي ينتشر فيها الجهل، في العالم العربي أيضا، وكل هذا التأخر والتقهقر بسبب عدم حسن استغلال الموارد التي حبانا الله بها، والمال اليوم في ظل هذا الواقع يعتبر عصب الحياة الذي لا يمكن العيش من غيره.

‎والذي يقرأ في سير الصالحين الأولين، يجد الحرص على اقتناء المال والتجارة وبناء مشاريعهم التجارية بأيديهم، وبالتالي انخفاضا في نسب البطالة.

‎ولما قدم سيدنا عبدالرحمن بن عوف المدينة، آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع، وكان سعد ذا غنى، فخاطب عبدالرحمن قائلا: «إنني أكثر الأنصار مالا فأقسم لك نصف مالي، وانظر أي زوجتي هويت فأنزل لك عنها»، فقال عبدالرحمن بارك الله في أهلك ومالك، دلوني على السوق فخرج إلى سوق بني قينقاع فباع واشترى فربح، فجاء بشيء من سمن أقط، ثم تابع الغدو إلى السوق فمكث ما شاء الله ثم جاء وعليه وضر صفرة (وهو طيب من الزعفران). فرأى النبي صلى الله عليه وسلم بشاشة العرس، فقال له: «مهيم» ـ أي ما شأنك ـ قال «تزوجت امرأة من الأنصار»، قال: «كم أصدقتها»، قال «وزن نواة من الذهب»، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بارك الله لك أولم ولو بشاة». قال عبدالرحمن: «فلقد رأيتني ولو رفعت حجرا لرجوت أن أصيب ذهبا أو فضة».

‎وسيدنا أبوبكر رضي الله عنه خرج تاجرا إلى بصرى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم و«كان أتجر قريش حتى دخل في الإمارة»، كما تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وعمر وعلي وعثمان كانوا تجارا.

ولما قدم المهاجرون إلى المدينة لم تحدث أي أزمة اقتصادية بسبب العدد الهائل الذي قدم إليها، مع أن الفرص كانت شحيحة في ذلك الزمان والأسواق محدودة.

‎وفي عصرنا الحديث، يساهم القطاع الخاص والتجارة في إيجاد الوظائف وتقليل معدلات البطالة، خصوصاً المشاريع الصغيرة حيث إنها تحد من البطالة، وتمثل اتجاه العالم في العصر الحديث، لذا تجد الدول الكبرى والعظمى تدعم المشاريع الجريئة والصغيرة، ويجب تغيير بعض التشريعات التي تقف حجر عثرة أمام أصحاب المشاريع الصغيرة وتسهيل أمورهم... وبادر اليوم للعمل حتى لا تندم غدا.

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك