معيب وغير دستوري.. حسن كرم يكتب عن قانون الفصل الجامعي

زاوية الكتاب

كتب 560 مشاهدات 0

حسن كرم

السياسة

اذا اشتهت الحكومة

حسن علي كرم

 

في خطوة وُصفتْ بأنها تكسبٌ سياسي، والتفافٌ على قرار المحكمة الدستورية التاريخي الذي ناقض قانون منع الاختلاط بالمؤسسات التعليمية ( الجامعات والكليات التطبيقية والمدارس الأهلية ) تقدم خمسة من أعضاء مجلس الأمة المحافظين بمقترح في مضمونه نسف لقرار المحكمة يقضي بتعديل قانون التعليم الجامعي، ملزِماً الادارات الجامعية وضع ضوابط للفصل التام بين الذكور والاناث في مبانٍ منفصلة، والمختبرات والمكتبات والادارات وغيرها من الأماكن التي يمكن أن يلتقي فيها نظرالطالب بنظر الطالبة (!!) هذا الفصل العنصري كان يمكن أن يكون منطقياً، لو أنه دستوري أو يلزم الحكومة أو أنه مطلب شعبي، او يتوافق مع توجهات الدولة الترشيدية أو يتواءم والامكانات الجامعية لسير العملية الدراسية بسلاسة، بلا معوقات أو عراقيل، كالنقص في عدد الأساتذة والنقص في القاعات والخدمات اللوجيستية الاخرى، الا أن كل ذلك من المعلوم يتعذر تحقيقه مثلما تعذر على الادارات الجامعية تحقيقه قبل صدور قرار المحكمة الدستورية الذي لم يطعن بعدم دستورية القانون لكنه لم يلزم الفصل التام بين البنين والبنات في مبانٍ مفصولة وإنما اكتفى (قرار المحكمة) بأن يتم الفصل في القاعة الدراسية الواحدة كأن يتخذ كل جنس طرفاً من القاعة، لاشك لقد أعاد قرار المحكمة الروح مجدداً الى نفوس الادارات الجامعية التي تنفست الصعداء لتعيد ترتيب أوضاعها مجدداً. التعليم الجامعي ليس تلقيناً، بقدر ما يتعين إعداد الشبيبة من الجنسين لمرحلة ما بعد التخرج والولوج إلى الحياة العملية التي يلتقي فيها الشاب والشابة في مركز العمل الواحد وفي مكاتب مختلطة، هذا بخلاف الاختلاط في الاسواق والمطاعم والطائرات والقطارات وما الى ذلك من الاماكن المفتوحة. من هنا ففصل البنات عن البنين في التعليم الجامعي أو حتى في التعليم العام ليس تحرصاً على الأخلاق أو تحرصاً على طهارة وعفاف البنين والبنات وإنما يشي عن هواجس وهمية لا علاقة لها بالاخلاق والطهارة بقدر ما يكشف عن ضعف الثقة وضيق في الأفق وخلل في التربية، فالعاجزون عن تربية أبنائهم فاقدو ثقة في أنفسهم وفاقدو ثقة ببنيهم، إنه قصورٌ منهم لكنهم يسقطونه على المؤسسات التعليمية، غير مدركين أن التعليم وحده لا يبني الشخصية السوية في معزلٍ عن تربية البيت أولاً، من هنا نقول لدعاة فصل التعليم: ليس الفصل ملزماً للحكومة ولا هو دستوري، فالدستور ساوى بين الجنسين، ولم يدع للفصل ولا الحكومة ملزمة بتوفير مقعد جامعي لكل طالب، متفوقاً كان أو بليداً، لا توجد في كل العالم حكومات توفر التعليم الجامعي لكل ابنائها، هناك قواعد في التعليم الجامعي اساسها التفوق والنبوغ أما البلداء فيتوجهون لسوق العمل، أو إذا شاؤوا يكملون تعليمهم العالي على حسابهم، أيضاً وليست الدولة ملزمة بانشاء جامعات مفصولة واحدة للبنات والأخرى للبنين، ويجدر هنا التكرار، الكويت ليست دولة دينية حتى تكون المناهج دينية والمدارس مفصولة، ولكن يستطيع دعاة الفصل إذا شاؤوا إنشاء كليات جامعية خاصة بالبنات من مالهم الخاص. إن مسالة التعليم المختلط ينبغي أن تناقش على مستويات أوسع، بدءاً من المراحل التعليمية الأولية حتى الجامعية، فهناك فائض يتخرج كل عام في الكليات التربوية من الجنسين. لكن يتعذر توظيفهم لكونهم فائضاً عن الحاجة، لاسيما مرحلتا رياض الأطفال والابتدائي، هذا من جانب المدرسات فيما تعاني مدارس البنين عجزاً بالمدرسين، ويفترض تعويض العجز في مدارس البنين بالفائض من المدرسات بدلاً من جلوسهن في البيت أو تكليفهن بأعمال ادارية أو جلب مدرسين من الخارج، إن تكاليف التعليم في الكويت باهظة جداً لا تناسب سياسات الحكومة التقشفية، ولا تناسب مخرجات التعليم التي هي في الغالب لا تلبي احتياجات سوق العمل، والخلاصة أن التعليم يحتاج الى نفضة شجاعة من وزير التربية، ومطلوب منه تناول كوب حليب سباع كل صباح قبل حضوره للوزارة. قانون فصل التعليم الجامعي، السيئ الذكر، لم يكن ليمر لو لم تمرره الحكومة، والقانون المقترح المعيب لن يمر إذا لم تشته الحكومة.

 

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك