المهارة المهملة!! بقلم عبدالعزيز الدويسان
زاوية الكتابكتب عبدالعزيز الدويسان مارس 17, 2016, 1:31 م 1105 مشاهدات 0
زمن الحديث بضغطة لايك ، الرد بمنشن ، عمل ريتويت ، التنقل بين أبناء العمومة وأولاد الخال تويتر ونستغرام وسناب شات وغيرهم من البرامج ، ونحن كل في فلكه الخاص يدور ويسبح في هذا العالم الفسيح ، أضحت الأجهزة الحديثة هي أصدقائنا الحميمين ، نجلس بجانب بعض بهدوء فلو ألقيت الابرة لسمع صوتها وكأننا في القبور ونحن جالسون في القصور .
زمن نسمع هذه العبارات كثيرا ' أريد أحد أن يسمعني ' ، ' أريد الفضفضة ' نملك كل هذه الأجهزة الحديثة والبرامج ولكن في الواقع لا تؤدي وظيفتها في الانصات والاستماع ، في العامية نقول اسمعني فهل هناك فرق بين الإنصات و الاستماع ؟ الإنصات التركيز العميق فيما يقوله المتحدث وسط خضوع تام لكل الجوارح ، الاستماع يكون مصادفة أو من غير قصد ، الإنصات عبادة دون عناء ، زينة من غير حلي ، هيبة من غير سلطان ، حصن من غير حارس .
وقد يسأل القارئ كيف أجعل الناس أن ينصتوا إلي ، فهذه الحادثة تبين للقارئ فعندما أراد النبي عليه أفضل الصلاة والسلام أن يجهر لأهل مكة ببعثته ويبلغهم رسالة الدين الحنيف ، فوقف على جبل الصفا ودعاهم للتجمع ليخطب فيهم قائلا ' ' يا معشر قريش ، لو أخبرتكم أن جيشا يوشك أن يظهر عليكم من وراء هذا الجبل فهل كنتم مصدقي ؟ ' قالوا : نعم ( إذ إنهم لم يعهدوا عليه كذبا قط ) .
والإسلام منهاج حياتنا ويعلمنا فن الإنصات ' إذا رأيت محدثا يحدث حديثا قد سمعته ، أو يخبر خبرا قد علمته فلا تشاركه فيه ، حرصا على أن تعلم من حضرك أنك قد علمته ، فإن ذلك خفة وسوء أدب ' ، وخطبة الجمعة دورة أسبوعية في فن الإنصات ومن لا يلتزم الإنصات فيها فقد يحرم نفسه الأجر العظيم .
وفي بريطانيا كان هناك خطة فريدة من نوعها تقضي بتنظيم برامج يهدف إلى تدريب سائقي الأجرة على الإنصات إلى الركاب بدلا من توجيه الكلام إليهم لتوفر مناخ مريح يساعد الركاب للبوح بمشكلاتهم ، ولسان الحال فضفض وزيل الهم ، وفي أحد الإعلانات للخطوط الجوية البريطانية حمل صورة كبيرة لأذن إحدى المضيفات على طول صفحة الإعلان توحي بأهمية الإنصات للراكب ، وكتب على الإعلان ' هي أهم صفة على متن طائراتنا ' .
الناس تصاحب من يجيد الإنصات ، تستميل القلوب والنفوس ، هي فن السهل الممتنع ويحتاج لتدريب النفس ، فالإنصات هي المهارة المهملة .
تعليقات