نغرق في بحر من النقد السلبي.. تركي العازمي مستنكراً
زاوية الكتابكتب مارس 13, 2016, 12:04 ص 564 مشاهدات 0
الراي
وجع الحروف - شرف المهنة
د. تركي العازمي
أنت من تتحمل تبعات ما يدور من حولك على مختلف المستويات: الشخصي٬ الاجتماعي والمؤسسي. فعندما تكون محترم الذات٬ نظيف اليد٬ تتعلم من أخطائك وأخطاء الآخرين٬ وتوجه النصيحة في شكل سليم وتعشق المصارحة / المكاشفة، نستطيع وصفك بالنموذج المثالي، وهو ما نفتقده، كما أشرنا في المقال السابق، «النموذج الكويتي المفقود».
خذ عندك على سبيل المثال المهنة / الوظيفة أو أي عمل له مردود مالي أو حتى معنوي، فستجد أنه وإن كانت مجرد مهام تقوم بها بحثا عن المردود، فإنك لن تسلم من سهام «المتردية والنطيحة».
الكاتب الشهير برنارد شو، حين قال له كاتب مغرور: «أنا أفضل منك٬ فإنك تكتب بحثا عن المال وأنا أكتب بحثا عن الشرف»،... رد الكاتب الساخرعلى الفور: «صدقت... كل يبحث عما ينقصه». (مقتبس مما وصلني من زميل).
لاحظ رد برنارد شو، وحاول أن تفهم سر معاناتنا، فنحن حتى في القياس يخطىء البعض في التقدير ويقسو أحيانا في الوصف والإنتقاد ولا نجد من يعطيه درسا كمثل هذا.
ما تراه عيبا أو مخلا بالأدب قد يكون عكس ذلك... لربما تكون مرآتك التي تنظر لها مكسورة شوهت الحقائق.
يأتيك «الحرامي» يتحدث عن الشرف والنزاهة... ويقابلك «العبيط» وهو يظن إنه فاهم ملم بكل ما يجري وهو «ما يسرح بالتالية من الغنم».
يأتيك من ينتقد الفساد ويحاول أن يقنعك بأنه جاد في محاربته لهذ الآفة وتحاول تتبع خطواته ولا تجد ما يوحي بذلك بل قد تلاحظ العكس تماما.
المحترم لذاته لا يجادل سفيهاً في زمان كثر فيه السفهاء، والنظيف لا يقبل أن تلامس يده النظيفة يد من تلوثت مبادئه وغابت مخافة الله عن محيط سلوكياته.
توقع غير المتوقع ولا تعتقد بأنك ستنجو وإن جلست في بيتك واعتزلت زمن التيه الذي نعيشه... اصبر وصابر وعليك بالدعاء ولا تفقد الأمل برب عليم بالعباد.
ونعود الى شرف الوظيفة / المهنة... هل هي عمل بمقابل؟ هل هي للوصول إلى الثراء؟ هل هي شرف القيام بعمل بغض النظر عن المقابل تؤديها على أكمل وجه وفق أطر أخلاقية؟
التفسير يختلف من فرد لآخر، لكن الثابت في الدول المتقدمة وعلى سبيل المثال، اليابان، إن العامل يأتي للعمل بروح معنوية عالية، فهو منذ الصغر نقشوا في عقله الباطن، الشرف والأمانة وأخلاق المهنة والمفاهيم الوطنية، وبالتالي عندما يتجه إلى سوق العمل لا يبحث عن «واسطة» وأثناء العمل محصن أخلاقيا من دون أي قيم أو معتقدات نشتهر نحن في حسن صياغتها على الورق.
مما تقدم٬ أتمنى أن نعي أهمية شرف المهنة بما فيها الدور الاجتماعي وأن نتبنى النموذج الياباني في تطبيق الدروس الأخلاقية والقيم الصالحة خلال المرحلة الابتدائية لتحصين جيل الغد.
الشاهد٬ إننا نغرق في بحر من النقد السلبي٬ فساد بكل أنواعه٬ الخصومة الشخصية٬ الحكم على الظاهر٬ عشق سلوك «ربط العصاعص» والوشاية والشللية وهذا ولدنا... وغيرها من الصفات التي ساهمت في تراجعنا.
فهل نعيد للمهنة شرفها المستحق؟... الله المستعان.
تعليقات