د. هيلة المكيمي ترى بأن وزرائنا يتحججون بأن ليس لديهم الوقت للكتابة وفي المقابل تقلد بريطانيا حقيبة وزارة الخارجية لوزير شاب عرف بكتابته اليومية لمدونته على الأنترنت
زاوية الكتابكتب ديسمبر 8, 2008, منتصف الليل 451 مشاهدات 0
وزراء المدونات
د. هيلة حمد المكيمي
بدا واضحا ان ثورة التكنولوجيا والمعلومات والتي أنتجت اخيرا «اليوتيوب» والمدونات وغيرها من برامج تضمن الحريات العامة في التعبير بعيدا عن مقصات الرقابة أصبح لها الغلبة على المشهد السياسي، فهي لم تعد أداة لتعبير الشباب عن ارائهم بحرية ولكنها تمكنت اخيرا من ايصال وزراء لحكومات دول فاعلة وعلى رأسها بريطانيا والتي شهدت اخيرا تقلّد حقيبة الخارجية من قبل وزير شاب هو ديفيد مليباند (42) والذي عرف بكتابته اليومية لمدونته الموجودة على الانترنت حيث يعبر فيها عن مشاعره وانطباعاته ازاء مختلف قضايا الهم العام.
تقلد «مليباند» حقيبة الخارجية مدة 17 شهرا وحتى الان ومن الجدير بالذكر ان أصغر وزراء الخارجية كان في حكومة «جيمس كالاهان» العمالية عام 1977 وهو الوزير «ديفيد اوبن» ( 37 عاما) ويليه الوزير الحالي. من الواضح ان موجة اوباما أتت بالكثير من ملامح التغيير التي بدأت تسود في الدول الغربية، فالى جانب صغر سن مليباند فانه أيضا عمل في حقل التدريس كأستاذ ماركسي في جامعة لندن وهو كذلك ابن لمهاجر يهودي بولندي فر من الاجتياح النازي، ويعرف عن جميع فئات الشعب البولندي حبها للسلام والعدالة والانجاز وهذا يفسر نجاح بولندا في الانتقال للسوق الحرة في وقت قياسي مقارنة بغيرها من دول المعسكر الشرقي، وقد يكون ذلك سر تحمس «مليباند» لدعم المبادرة العربية للسلام مع اسرائيل كما تحدث عن حوار مع سورية الا ان ذلك كله مؤجل لحين تولي اوباما زمام الأمور في البيت الأبيض.
اما المواصفات الأخرى في هذا الوزير انه ظل لفترات طويلة ضمن أفراد الفريق الخلفي للحكومة العمالية الذي يقوم بكتابة الدراسات الهامة وتزويدها للحكومة، الا ان ذلك لم يمنعه من ان يشن حربا على حكومة براون لغياب الرؤية الاستراتيجية والتي تزامنت مع محاولة بعض العماليين ازاحة براون حيث يعتقد بعض المراقبين انه في حال نجاح تلك المحاولة لتبوأ «مليباند» منصب رئيس الحكومة.
حكاية وزير الخارجية البريطاني الشاب الباحث وابن المهاجر ومنتقد رئيس الوزراء كاتب المدونات والباحث عن السلام، شدتني ولاسيما نحن نعيش في ظل فترة انتقالية تميل الى اعادة الشيخ ناصر المحمد الى تشكيل حكومته من جديد حيث من الواضح ان معايير الاختيار ستضيع في ظل المحاصصة النيابية والصداقة الشخصية وغيرها من معايير تتغلب على عنصر الكفاءة، وبالتالي من الأجدر التذكير بمعايير اختيار الوزراء في الدول المتقدمة.
فمن خلال نظرة سريعة على وزراء الحكومة المستقيلة فلا نجد هناك من تعود على الكتابة العادية ولااقول المدونات، فانا على يقين بان عددا منهم لا يعرف ماهية المدونات، الطريف ان الرد التقليدي بان الوزير ليس لديه وقت.. ولكننا نتساءل كيف لوزير في دولة عظمى يتسنى له الوقت لكتابة انطباعاته اليومية على مدونته الالكترونية الى جانب القيام بكامل أعبائه اليومية في حين ان وزراءنا لا يتسنى لهم الوقت لفعل ذلك!؟ كما من المهم ان نتساءل أي من وزرائنا تعود على كتابة الدراسات والأبحاث وامداد الحكومة بها قبل توليه للمنصب الوزاري والتي تعتبر أداة هامة لتطوير رؤية هذا القيادي؟ من الواضح جدا انه بفعل التطورات الحالية لم يعد من الممكن الاستمرار في طريقة التوزير الاعتيادية التي تقوم على المحاصصة والقرابة والترقيع، نحتاج وزراء على قدر التحديات.
تعليقات