ما علاقة شارع الخليج بالوطنية؟!.. حمد العصيدان متسائلاً

زاوية الكتاب

كتب 630 مشاهدات 0


الراي

من زاوية أخرى  -  سلوك غير حضاري يحتاج إلى وقفة جادة

د. حمد العصيدان

 

لا بأس أن نعرّج على مسألة تفرض نفسها كل عام مع حلول المناسبة، كما لا بأس أن أخالف التيار في تناولها، مع قليلين ممن كتبوا أو تناولوا القضية من زاوية أخرى، بعيدا عن التطبيل والتغني بما نراه ونسمع عنه. مؤكد أنني لم اسمع ولم اشاهد ــ ويوافقني على ذلك كثيرون ــ دولة في العالم، من شرقه إلى غربه، تحتفل بأعيادها الوطنية كما تحتفل الكويت، خصوصا ما يجري يومي 25 و26 من فبراير، وأقصد بها المسيرات التي يشهدها شارع الخليج العربي، أو تلك التي تجري في الجنوب، حيث منتجعات الجليعة والخيران، بكل ما يرافقها من خروج عن القيم والأعراف، وأحيانا الشرع.

فالعيد الوطني مناسبة عظيمة تحتفل بها الشعوب لتبرز ولاءها واعتزازها بوطنها، من خلال مهرجانات وطنية موجّهة تهدف لتعزيز الانتماء للوطن والأرض، وإذا كانت الكويت شهدت مثل هذه المهرجانات في الأيام السابقة لـ 25 و26 فبراير الجاري، بما يصب في هذا الإطار، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا تعمّق المسيرات التي يشهدها شارع الخليج، في الجانب الوطني وتعززه؟ اعتقادي ان تلك المسيرات لم يكن لها أي جانب توجيهي وطنيا، وكل ما هنالك أعلام وثياب بلون العلم الكويتي ورسومات على الوجوه، ليس الا، أما السلوك فحدّث ولا حرج، من تصرفات صبيانية من الكبار، ومناظر قد تصل إلى ما يؤذي العين ويخدش الذوق. هذا الكلام ليس من قبل المبالغة، فكثير من الصور واللقطات التي تابعناها تؤكد ذلك، وهناك شريحة عريضة من الشباب المستهتر تنتظر هذين اليومين وتعد لهما العدة من قبل، ليسرحوا ويمرحوا ويقوموا بكل سلوك أرعن أو طائش أو «خارج عن السايد» مستغلين المناسبة، حتى إذا ما كلمهم أحد يقولون «إنما نعبر عن فرحنا بالأعياد الوطنية» حتى صار أولئك الشباب المستهتر قدوة لصغار السن الذين يقلدونهم ويقتفون أثرهم في كل تصرف.

ثم ما علاقة ما يشهده شارع الخليج من زحام ورشاشات مياه تغرق الناس، بالوطنية؟ ماذا يعمق رشاش الماء في نفس الطفل أو حتى الكبير من قيم وطنية؟ وماذا نقول لهم عما شهده يوم الخميس من جريمة راح ضحيتها أحد رجال الأمن، عند قيام شاب مستهتر ــ ويقال انه تحت تأثير المخدرات ــ بدهس دورية لرجال الشرطة؟ وما الروح الاجتماعية التي نعززها من ركض الشباب خلف البنات ومحاولات «الترقيم» التي تنجح وتفشل؟ وكثير كثير من الأسئلة التي تطرح ولن تجد لها حلا، سوى أن الأمر بلغ مداه، ويجب وقف هذه المسرحيات التي تشهد خروجا صريحا عن النص، صونا لقدسية المناسبة وتداركا لما بقي من قيم لدى من شاركوا واكتسبوا سلوكيات جديدة ستنعكس على حياتهم.

لا يظنّن أحد اننا هنا ندعو الى عدم الاحتفال بالأعياد الوطنية، بل نريد تعميق قيم الوطنية بتلك الاحتفالات، لا اكساب الجيل سلوكيات سيئة، فقد شهد عدد من الجهات الحكومية احتفالات بالمناسبة كان لها الأثر الكبير في إبراز عظمة المناسبات، فأقامت المحافظات الست مهرجانات شعبية فنية تضمنت فعاليات وطنية وشعبية رائعة، كما أقامت المدارس مهرجانات، وهنا مربط الفرس، ففيها يتم تعميق الولاء والوطنية للجيل وفق انضباطية وسلوك سويّ. كما احتفلت الوزارات، وشارك الموظفون في كل مرافق الدولة بمهرجانات وطنية وابدوا مشاعرهم تجاه بلدهم فيها، ولوحوا بالاعلام ونظموا الفعاليات الشعبية، فكانت تعبيرا حقيقيا عن حب الوطن والولاء، ورأينا صاحب السمو وهو يشارك المواطنين حياتهم وفرحهم بزيارته لمنطقة المباركية وجلوسه بينهم في صورة حقيقية لما يربط الشعب بقائده من ود وتراحم، حتى جاءت المسيرات الخميس والجمعة، فماذا كانت نتيجتها؟ سلوكيات غير حضارية وخارجة على الأعراف، وازدحام بلا معنى وانتهت بسقوط أحد رجال الأمن ضحية مستهتر، عدا المشاجرات التي حدثت هنا وهناك على امتداد شارع الخليج ومنطقتي الجليعة والخيران. فهل من متنبه يضع حدا لمثل هذه السلوكيات؟ هذا ما نرجوه، ولاسيما أن وزارة الداخلية عملت منذ سنوات قليلة على منع المسيرات على شارع الخليج، وأذكر أنني رأيت رجال الأمن وضعوا حاجزا عند جسر المسيلة للقادمين في اتجاه شارع التعاون وامتداده شارع الخليج، منعوا يومها كل من جاء للمسيرات ولم يسمحوا بالمرور الا لمن يقصد بيته أو مكانا معينا في منطقتي سلوى والسالمية. وأذكر انهم دققوا عليّ شخصيا في عبوري، حيث كنت أقصد بيت أحد الأقرباء في سلوى.

والأمر نفسه كان في الجانب الآخر لشارع الخليج من الجهة الأخرى. فهل تعود مثل هذه التوجهات، لنقضي على المظاهر غير الحضارية التي رأيناها ونؤسس منهجا جديدا للاحتفال بالأعياد الوطنية؟ هذا ما نرجوه ونأمل من المعنيين العمل عليه منذ الآن حتى موعد الاحتفالات المقبلة، لنحتفل بروح وطنية خالصة.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك