ربط الوعي بالثقافة فهم سطحي ومغلوط.. برأي صالح الشايجي
زاوية الكتابكتب فبراير 29, 2016, 12:02 ص 672 مشاهدات 0
الأنباء
بلا قناع - الواعي المثقف
صالح الشايجي
الوعي هو الإدراك والإحساس بالواقع والتفاعل والتعامل معه والاستفادة منه والبناء عليه.
يظن كثيرون ـ خطأ ـ أن الوعي تخلقه الثقافة وأن المثقف هو الأكثر وعيا من غير المثقف أو أنه هو الواعي فقط، بينما الجاهل أو غير المثقف هو غير واعٍ.
ربط الوعي بالثقافة فهم سطحي ومغلوط وباهت وغير واقعي
ولا عقلاني أيضا.
إن الثقافة وزيادة المعرفة قد تخلقان وعيا أو تساهمان بزيادة وعي الواعي، ولكنهما لا تخلقان وعيا لدى من هو غير واع.
وكثيرا ما نرى من يحملون درجات علمية كبيرة في مختلف العلوم، وممن يحاضرون ويقيمون الندوات ويعتلون المنصات والمنابر، ولهم متابعون ومؤمنون بهم بعشرات الآلاف وربما الملايين، ولكنهم في حقيقة الأمر لا يملكون أدنى درجات الوعي سوى وعيهم بما يؤمنون به ويشيعونه بين متابعيهم وملاحقيهم وجمهورهم المتعطش لسماع ما يقولون.
يعيشون في غيبوبة ولا يحسون بما يحيط بهم في الحياة، ولا يعون وقائعها ولا يوقظهم إيقاعها.
وكثيرا ما نرى منهم، من ينقادون وراء خطاب خرافي غوغائي، يهزون له الرؤوس وربما يبكون، ويأتون في حياتهم أعمالا تتناقض وثقافتهم وما قرأوا من كتب شتى.
وبالمقابل نرى فئات من عامة الناس، من أهل العلم البسيط والمعرفة المحدودة، لا تلاحقهم جيوش المعجبين ولا يمرون بين صفوف الهتافين، ولكنهم على درجة كبيرة من الفهم والتعاطي بواقعية مع الحياة، ويزدادون يوميا معرفة ونقاء إنسانيا بسبب وعيهم لا بسبب ثقافتهم.
فهؤلاء لم يقرأوا كتب التاريخ ولم يغوصوا بالأديان ولم تتصفح أياديهم كتب الفلسفة والسياسة والعلوم والآداب، ولا يسمعون موسيقى «باخ» و«بتهوفن» ولم يسمعوا بـ «بيكاسو» ولم يروا لوحة واحدة من لوحات «سلفادور دالي»، ولكن هذا الجهل بكل ما سبق لم يمنعهم من الوعي الغريزي والفطري فيهم، فتجدهم أنفع للدنيا وناسها من أولئك المثقفين المغيبين عن الواقع والمغيبين له! وأذكر أنه في إحدى انتخابات مجلس الأمة الكويتي، جرت المفاضلة بين مرشح بسيط قليل التعليم ولكنه على درجة كبيرة من الوعي وفهم الرسالة البرلمانية وتضمينها الهدف الوطني، وبين مرشح متعلم خريج أميركا ولكن علمه لم يخلق لديه وعيا وطنيا يؤهله لخدمة الأمة، فخسر الانتخابات وفاز بها المرشح الواعي البسيط.
تعليقات