لبنان بحاجة إلى رجالات دولة حقيقيين.. هذا ما يراه مبارك الهاجري
زاوية الكتابكتب فبراير 16, 2016, 11:50 م 442 مشاهدات 0
الراي
أوراق وحروف - من يحاكم الرئيس الأمريكي؟!
مبارك محمد الهاجري
بين موعد الذكرى الـ 11 لاغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري، وتخبط قوى 14 اذار في خلافاتها الداخلية، وبين تدخلات «حزب الله» السياسية وعجز الحكومة عن السيطرة على «ترحيل» موعد الانتخابات الرئاسية في البرلمان، يتكرر سيناريو الفراغ الرئاسي والخلافات الدائرة بين قوى الأحزاب والكتل إلى مواعيد أخرى يشوبها الكثير من الغموض والشكوك.
النتيجة مؤلمة، وتتمثل في ازمة وراء أزمة، والضحية هو المواطن اللبناني الذي أصبح يعاني من مشكلات أزلية عدة تتعلق بمستقبله، منها البطالة والتوظيف وغلاء المعيشة وارتفاع أسعار المحروقات، ثم تليها أزمة انقطاع التيار الكهربائي والنظافة ومشكلة النفايات المتكدسة والبنية التحتية التي بدت منعدمة وسط تراجع مسار الاقتصاد والسياحة في لبنان، وقضايا أخرى عديدة ساهمت بأن تكون عائقاً أمام الآمال والطموح والعزيمة، وبالتالي هذا القلق المستمر من تداعيات الأزمات السياسية، قد أثرت على موضوع المعالجات الحكومية في شكل مباشر، فأصبحت تبدو حكومة هشّة وجدت لتصريف أعمال هامشية.
فالحكومة اللبنانية، أصبحت اليوم عاجزة عن تنفيذ متطلباتها الأساسية وسط الصراع السياسي الذي أحدثته أزمة الفراغ الرئاسي، الأمر الذي انعكس على الرؤية المستقبلية في معالجة الأزمات الماضية والملفات العالقة في شؤون البلاد حتى وصل الحال الى درجة صعوبة نجاح الاتفاق على أهم مسألة، وهي تمرير موازنة الدولة للعام الجاري. وبالتالي، هي ملفات شعبية مصيرية تهم الكثيرين وتعطيلها يؤدي حتماً إلى اندلاع احتجاجات واسعة في حال تعذر الحكومة في حسمها ولا سيما أن عمر الحكومة أصبح قصيراً ومدته قد لا تتعدى السنتين.
إن لبنان يعيش في ظروف إقليمية صعبة وكان يفترض من قيادييه معايشة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية من خلال تعاون كل الأطراف والقوى السياسية لإيجاد حل سريع حول أزمة الفراغ الرئاسي بدلاً من ترحيل وراء ترحيل وإلى موعد آخر، قد يكون متكرراً في السيناريو نفسه وسط احتدام صراع الكبار!
ففي الآونة الأخيرة، انفجرت سجالات عدة بين وزراء ونواب على خلفيات سياسية نتعلق بالضغوطات الخارجية للاصطفاف حول أشخاص معينين جاء اختيارهم وفق مزاجية خاصة وفي غرف مغلقة، ما أدى لزيادة الفجوة بين الأطراف السياسية كافة، وبالتالي حتماً ستنزلق البلاد نحو مفترق طرق خطيرة لا نعرف مداه، وهذا ما ابدت دول مجلس التعاون الخليجي ايضا خشيتها منه.
ورغم المحاولات الخليجية لرأب الصدع، وعلى رأسها محاولات المملكة السعودية الشقيقة، لإيجاد الحلول التي قد تنهي الصراع المتبادل بين كل الأطراف حول الخلاف الرئاسي، إلا أنها لم يكتب لها النجاح بسبب فقدان السيطرة الحقيقية للسلطة واستسلام الأطراف المتنازعة أمام محاولات التعطيل، فيما يظل اسم النائب سليمان فرنجية مطروحاً بقوة في قائمة الترشيحات الرئاسية، ومرتبطاً بإطلالة الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في «مهرجان الوفاء للقادة الشهداء» المنتظر، فضلاً عن تأييد الرئيس سعد الحريري للنائب فرنجية وترشيحه له في شدة.
لكن قد تنقلب الموازين كلها أمام «استمرار» تبني «حزب الله» للمرشح العماد ميشال عون «زعيم التيار الوطني الحر»، وسط توتر العلاقة ما بين الحريري وزميله وزير العدل اللواء أشرف ريفي، في وقت غير مناسب، كونهما ينتميان إلى تيار المستقبل نفسه.
إلا أن الخلاف كما يبدو، يدور حول ملفات عدة تخص هذين العملاقين، كان أبرزها أزمة انتخابات الرئاسة وعلاقة ريفي مع «حزب الله»، ثم اكتمل سيناريو الخلاف مع انسحاب الوزير ريفي من جلسة مجلس الوزراء وعدم مشاركته في اي اجتماع حكومي مرتقب. ويبقى السؤال هنا: هل يعقل أن تنعقد (حتى الان) نحو 35 جلسة في البرلمان لانتخاب رئيس للجمهورية؟ وهل يعقل أن تبقى الأزمة الرئاسية عالقة بعد مرور نحو 20 شهراً، ولا نعلم إلى أي أمد زمني مفتوح ستستمر؟
يبدو أن لبنان يدور في حلقة رئاسية مفرغة بين الكتل السياسية والنيابية، ولا ينقذه إلا فرض المرشح الرئاسي الأقوى، لكن ليس من دعم «حزب الله» وكتلة المستقبل او اي احزاب اخرى، في ظل تزايد حجم النفقات وقلة الايرادات والانكماش المالي والاقتصادي العالمي، فأي ذنب اقترفه لبنان حتى تصل حالته إلى هذا المستوى المتدني في كل شيء؟
لذا نقولها بكل وضوح، إن لبنان بحاجة إلى رجالات دولة حقيقيين يستطيعون انتشاله من وحل الفساد السياسي والمالي وسد الفراغ الرئاسي بأسرع وقت ممكن حتى يرسو إلى بر الأمان والاستقرار، فهل هذا يحتاج إلى فانوس سحري؟
تعليقات