محمد عبدالقادر الجاسم: فهمنا للأحزاب
زاوية الكتابكتب يوليو 21, 2007, 7:06 ص 575 مشاهدات 0
'وينا
وين' الأحزاب!
كتب محمد عبد القادر الجاسم
كنت أنوي كتابة مقال حول اقتراح تنظيم العمل السياسي في الكويت من خلال إصدار
قانون ينظم إنشاء الأحزاب السياسية. فقد لاحظت أن هناك محاولات جادة في تهيئة
الأجواء لتسويق فكرة الأحزاب حيث عقدت ندوة موسعة في جمعية الخريجين قبل فترة
حول الموضوع كما قدم النائب علي الراشد اقتراحا بقانون الأحزاب السياسية.
وكان من الطبيعي أن أقرأ نص الاقتراح الأخير كي أتعرف على التوجهات العامة
أولا. وأثناء قراءتي للاقتراح شعرت أن الصياغة ليست “محلية” أي أن اللغة
القانونية المستخدمة لا تنتمي إلى التشريعات الكويتية، كما لاحظت أن الاقتراح
يتضمن بعض العبارات التي لا تنسجم مع الواقع الكويتي وهو ما دفعني إلى محاولة
معرفة الأصل الذي تم “نقل” الاقتراح منه، وقد تبين لي أن هذا الأصل هو قانون
الأحزاب الأردني. فعلى سبيل المثال تنص المادة 3 من الاقتراح على أنه “الحزب
كل تنظيم سياسي يتألف من جماعة من الكويتيين وفقاً للدستور وأحكام القانون
بقصد المشاركة في الحياة السياسية وتحقيق أهداف تتعلق بالشؤون السياسية
والاقتصادية والاجتماعية، ويعمل بوسائل مشروعة وسلمية” وهذا النص منقول حرفيا
من نص المادة 3 من القانون الأردني باستثناء كلمة “الكويتيين”. كما لاحظت أن
الاقتراح استخدم عبارات مثل “عدم محكومية” وغيرها من عبارات مستخدمة في
القانون الأردني وهي غير دارجة في التشريعات الكويتية. وقد لا يكون لمثل هذه
المسائل أهمية إلا أن ما لفت نظري حقا هو نص المادة 30 من الاقتراح حيث جاء
النص على النحو التالي: “عدم قيام الحزب أو التنظيم السياسي على أساس مناهض
للدين الإسلامي أو على أساس تكفير الأحزاب أو التنظيمات السياسية الأخرى أو
المجتمع وأفراده أو الادعاء بالتفرد بتمثيل الدين أو الوطنية أو القومية أو
الثورة”. ومن الواضح أن هذا النص لم ينقل عن القانون الأردني لكنه نقل عن
قانون دولة من الدول “الثورية”، فالمادة 30 من الاقتراح تحظر ادعاء الحزب
بالتفرد بتمثيل “الثورة”! ولا أدري أي ثورة يشير إليها الاقتراح الكويتي هل
هي “ثورة مبارك الصباح” أم ثورة “يوليو” أم ثورة “تموز” أم ثورة “الفاتح من
سبتمبر”!
إن تنظيم العمل السياسي في الكويت وإشهار الأحزاب فيها هو خطوة كبيرة وليس من
الملائم أن يتم التعامل معها بسطحية أو تحت تأثير الاستعجال حتى وإن كان
الأمر مجرد اقتراح، فهذه الخطوة يجب أن تخضع لنقاشات عامة عميقة ومستفيضة،
كما يجب السعي لوضع تنظيم قانوني يتلاءم تماما مع البيئة الكويتية بما فيها
وضع أسرة الحكم ووضع النظام القبلي ووضع القوى الاقتصادية ومستوى الوعي العام
والآليات السياسية المتاحة، بحيث يتم في نهاية المطاف صياغة اقتراح بقانون
متكامل قابل للتطبيق ولا نكرر تجربتنا مع قانون المطبوعات أو قانون عمل
المرأة أو قانون المرئي والمسموع. إن معالجة موضوع الأحزاب وفق ما ورد في
الاقتراح تجعلنا نتساءل: إذا كانت هذه هي البداية “إحنا وين والأحزاب وين”!!
محمد عبدالقادر الجاسم
عالم اليوم
تعليقات