لا يستطيع كائن من كان أن يغير في التاريخ.. برأي محمد الشيباني
زاوية الكتابكتب يناير 3, 2016, 11:19 م 617 مشاهدات 0
القبس
إرجاع الشيء إلى أصله...!
د. محمد بن إبراهيم الشيباني
لا يستطيع كائن من كان أن يغير في التاريخ، سواء كان ذلك التاريخ اسم مكان من الأمكنة، أو أثراً من الآثار، أو أسرة من الأسر تملكت شيئاً من الأشياء حاول أحدهم أن يغير هذا التملك بتملك جديد لحاجة في نفسه، أو مرمى من المرامي العنصرية أو الدينية أو شيء من المصالح السياسية وغيرها.
مثاله: أثار العلامة أحمد زكي باشا في عام 1924 موضوعاً من الموضوعات التاريخية المهمة، وهو موضوع تسمية مكان في القاهرة تعود تسميته إلى عهد الفاروق عمر بن الخطاب الخليفة الثاني بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو «خليج أمير المؤمنين» إلى أسماء أخرى سأتكلم عليها في هذه المقالة لا حقاً.
سبب هذه التسمية يعود إلى عام الرمادة (أي الهلاك من الجدب والقحط والمحل) فتقدم الفاروق إلى عمرو بن العاص (عامله في مصر) بحفر الخليج الذي بحاشية الفسطاط، فساقه من النيل (أي من الموضع الذي تحتفل فيه مصر بموسم وفاء النيل إلى يومنا) إلى ناحية القلزم فوق مدينة السويس، التي كان بناؤها في أواخر القرن التاسع الهجري، فاسترشد عمرو بن العاص برجل من الأقباط دله على مجرى الخليج الذي كان الفراعنة قد حفروه في سالف الزمان لتوصيل النيل ببحر القلزم، وجدده القيصر أدريان الروماني، وفي نظير ذلك كافأه عمرو بن العاص بإعفائه من الجزية. وفي خلال ستة أشهر انتهى الحفر من الخليج، وفي الشهر السابع سارت السفن بالميرة والأقوات والأرزاق إلى القلزم، وكانت تقطع المسافة في خمسة أيام ثم تعود موسوقة بالبضائع والسلع عن طريق الصين والهند واليمن وأرض العرب فتفرغها في عاصمة مصر، أي القسطاط.
لقد استفاد المسلمون، ومن معهم من أصحاب الأديان، من هذا الميناء استفادة عظيمة، واشتهرت مصر الإسلامية من خلاله، والقصة طويلة وفق ما ذكر العلامة أحمد زكي، ولكن عندما جاءت الدولة الفاطمية بنى العزيز بالله الفاطمي قصره المشهور بـ «اللؤلؤة» على شاطئه، وسمى الخليج «خليج اللؤلؤة»، ربما في محاولة لتناسي الاسم الأول (خليج أمير المؤمنين الفاروق).
ولما جاء الحاكم بأمر الله سنة 402هـ (1011م) تناسى الناس الاسم الجديد «خليج اللؤلؤة»، وذلك بهدم الحاكم بأمر الله القصر، فاختلقوا اسماً جديداً له ليس له مبرر ولا مسوغ وصار منذ ذلك اليوم يكتب بالحجج الوقفية وغيرها بالاسم الجديد «الخليج الحاكمي»، فكتب العلامة أحمد زكي يريد إرجاع الاسم الأصلي الأول للخليج بقوله مخاطبا أهل الشرع فالأمانة التاريخية والحقيقة الواقعية تقضي عليهم بإهمال وصف الخليج بـ «الحاكمي»، بل إهمال ذكر الخليج بالمرة والاكتفاء بذكر الوفاء واستحقاق الخراج.
ثم جاءت الموافقة بإهمال «الخليج الحاكمي» في حجتهم التي ردوا فيها على العلامة أحمد زكي شاكرين له صنيعه العلمي والتاريخي.
فرد عليهم العلامة بقوله: «لذلك حق لهم الشكر. وكذلك يجب على أهل العلم والحجى أن ينزلوا على حكم الحق متى تبين لهم: فلعل أرباب الأقلام وقادة الرأي العام يحتذون هذا المثال وهو الله مثال الكمال». والله المستعان.
تعليقات