كل ما يحدث من حولنا سببه غياب العمل في الأخلاق والحوكمة.. بوجهة نظر تركي العازمي

زاوية الكتاب

كتب 746 مشاهدات 0


الراي

وجع الحروف  -  حدث في القاهرة...!

د. تركي العازمي

 

لم يكن في الحسبان ما جرى في القاهرة نهاية الأسبوع الماضي... حيث كنا على موعد للقاء عدد من زملاء أعضاء هيئة التدريس في بعض الجامعات الأجنبية حضروا لقضاء عطلة رأس السنة الميلادية بين أهلهم وذويهم ومحبيهم.

بدأ اللقاء من جامعة القاهرة ثم انتهى في جلسة نقاش في أحد الفنادق المصرية استمرت لقرابة الساعة... فكيف تحول اللقاء إلى حديث مفتوح معي حول تخصص لو تحدثت عنه لا أستطيع التوقف... «هي كده»!

تحدثنا عن سبب تباطؤ النمو في كثير من المؤسسات لدينا فاختلف الحضور حول الأسباب وبدأ حديثي الذي لم يكن في الأساس من ضمن برنامج الرحلة الودي.

إن كل ما يحصل من حولنا يعود سببه لغياب العمل في الأخلاق والحوكمة حسب ما هو مفروض اتباعه حتى على المستوى الفردي.

أخلاقيات العمل تتطلب حوكمة يتبعها الموظفان الصغير والكبير فالقائمون على وضع الإستراتيجية يجتهدون في صياغتها بشكل «جميل» من الناحية النظرية لكنهم لا يجيدون تنفيذها، بعد أن أثبتت آخر الدراسات أن 70 في المئة من الإستراتيجيات تفشل، وأن 30 في المئة فقط يتم تنفيذها حسب ما هو مرسوم بالخطة.

مَنْ يراقب مَنْ؟ سؤال طرحته ولم أجد له إجابة.

الـ 30 في المئة من الإستراتيجيات الناجحة تم وضع فرق عمل رقابية محايدة تتابع مراحل تنفيذها... وعند ملاحظتهم لوجود قصور ما تقوم بالتوجه للإدارة العليا لاتخاذ قرار تصحيحي حسب التوصيات ويتم استبعاد المتسبب في القصور كبيراً كان أم صغيراً.

نحن في العالم العربي ومعظم دول العالم نعاني من عدم وجود حوكمة يرجع لها منفذ الإستراتيجية في ما يخص تنفيذ الأهداف المرسومة... يعني أي طرف يبدر منه تقصير لا يجد من يحاسبه وبالتالي نخسر مادياً ومعنوياً.

السؤال الذي طرحناه: أيهما أولى بالأهمية تطويرالمستويات الإدارية لبلوغ الغايات المرسومة من قبل المعنيين برسم الرؤية للمؤسسة، أم إيجاد صاحب رؤية متسلح بصفة اتخاذ القرار ومن ثم تطوير الحقل الإداري المعني في بلوغ الرؤية؟

لا هذا ولا ذاك... نحن في البداية يفترض أن نحسن الاختيار وأن تتلاءم اختياراتنا حسب واقع الاحتياج لتكون الرؤية سليمة وقابلة للتنفيذ ومن ثم مراجعة المستويات الإدارية من ناحية قدرتها على التنفيذ والتأكد من ملاءة لوائح العمل من حوكمة أخلاقية تستبعد كل الثغرات التي من شأنها عرقلة تنفيذ خطة العمل الإستراتيجية.

الفساد الإداري موجود مع وجود البشرية... وهذه الحقيقة تحتاج إلى فهم، والقضاء عليها يبدأ من تغيير المفاهيم وثقافة العمل المؤسسي وعندما تتوافر النية في الإصلاح فالبداية بواضع الرؤية على أساس أخلاقي نكون قد اختصرنا الطريق وان تستغل التكنولوجيا الحديثة في تنفيذ العمل.

نحن نجلب المستشارين الأجانب لعدم ثقتنا بأحبتنا كما يقول المثل «مزمار الحي لا يطرب»... فالمجتمع الغربي وإن كان يملك العلم والمعرفة إلا أنه تنقصه الخبرة في ثقافة مؤسساته فليس كل ما يطرحه أو يتوصل إليه المجتمع الغربي قابلا للتطبيق في مجتمعاتنا... هذا ما ذكرناه بشكل موجز.

هذا ما حدث في القاهرة... ويبدو أننا مدركون لحجم المعاناة التي تواجه منظومتنا الإدارية والسبب يعود كما أشرنا لغياب الحوكمة والأخلاق ونتمنى أن ندرك هذه الحقيقة ونستطيع التعايش مع الوضع بشكل أكثر احترافية لها علاقة بسياق الثقافة المعمول بها كي نبدأ في الإصلاح... والله المستعان.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك