لابد من وضع مقاييس للتقشف تساوي بين المواطنين.. برأي وائل الحساوي

زاوية الكتاب

كتب 585 مشاهدات 0


الراي

نسمات  -  سلطان العلماء يهزم التتار!

د. وائل الحساوي

 

عندما وصل القائد الاسلامي «قطز» الى سدة الحكم في مصر، وظهر خطر التتار وفظائعهم، امر قطز بجمع الاموال من الرعية للاعداد للحرب، فوقف سلطان العلماء «العز بن عبدالسلام» في وجهه وطالبه الا يؤخذ شيء من الناس الا بعد افراغ بيت المال، وبعد ان يخرج الامراء وكبار التجار من اموالهم وذهبهم المقادير التي تتناسب مع غناهم، حتى يتساوى الجميع في الانفاق، فنزل «قطز» على حكم العز بن عبدالسلام، واستطاع تكوين جيش مجهز بأفضل التسليح، ثم انتصر جيش المسلمين على التتار في احد اعظم انتصارات المسلمين في «عين جالوت»!!

نواجه اليوم مؤشرات على دخولنا في ضائقة مالية لا يعلم الا الله الى متى ستستمر ومدى شدتها، فقد تكون موقتة وترجع اسعار النفط الى الارتفاع السابق، وقد تكون مزمنة وقاسية بحيث تلتهم كل ما وفرناه من احتياطيات، وتضربنا بقسوة!!

بالطبع فإن الحكومة تبحث اليوم في خياراتها لتعويض العجز في الميزانية، وقد قرأنا ما نشرته جريدة «الراي» بالامس حول مقترحات المستشار العالمي (أرنست أنديونغ) لتقليص العجز، والذي قفز مباشرة الى جيوب المواطنين وأمر الى تخفيض الدعم والميزات الاضافية التي تؤثر على المواطن!!

وفي الحقيقة فإني لا ارى مشكلة بتلك التخفيضات في اسعار البنزين والكهرباء ومواد التموين اذا كانت تساعد على امتصاص الصدمة وتوفير المطلوب، ولكن تبقى فتوى سلطان العلماء حول ضرورة البدء بالكبار والاثرياء الذين استفادوا كثيرا من اموال الدولة في ايام الرخاء، ومن دون ان يساهموا بأقل القليل سواء من دفع الضرائب او تسديد ثمن الخدمات التي تقدمها الحكومة لمئات العاملين لديهم او حتى التخلي عن الصلاحيات والتسهيلات الكثيرة التي حصلوا عليها من دون وجه حق!!

ولسنا بهذا الكلام نتهم الجميع ولكن لاشك ان التفاوت الاجتماعي الذي يتمتع به العديد من الناس مقارنة بفئات قد يكون صرف الدينار عليها عزيزا، يولد السخط عند تلك الفئة ويجعلها تشعر بالغبن!!

إذاً فليتم وضع مقاييس للتقشف تساوي بين الناس، كل بحسب ما يمتلكه، ولنبتعد عن اصحاب الدخل الضعيف، فوضع نظام الشرائح على الكهرباء هو نظام عادل بحيث يحاسب المواطن بحسب مستوى المعيشة الذي يعيشه، ولا يكلف اصحاب الدخول القليلة اكثر ما يدفعونه الآن من رسوم، بينما تزيد الرسوم على اصحاب الدخل المرتفع، اما البديل الاستراتيجي الذي مازالت الحكومة والمجلس الأعلى للتخطيط يدندنان حوله منذ عقد كامل فلا بد من اقراره بحيث نصل الى العدل في الرواتب والمكافآت بين كافة طبقات الشعب ولو بعد سنوات!!

اما المكافآت الكبيرة التي تعطى لشرائح من المجتمع فقط لكونها تعمل في المجال العسكري او النفطي او المناصب القيادية فلابد من ايقافها، فلسنا في وضع يسمح لنا بتبديد المزيد من الثروات من اجل ارضاء فئات من المجتمع على حساب الآخرين!!

اجلسوا في بيوتكم!

استعمل النبي (صلى الله عليه وسلم) «ابن الأتبية» على صدقات بني سليم، فلما جاء الى رسول الله وحاسبه، قال: هذا الذي لكم، وهذه هدية اهديت لي فقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فخطب الناس وحمد الله واثنى عليه، ثم قال: «اني استعملت احدكم على العمل مما ولاني الله فيأتي احدكم فيقول: هذا لكم وهذه هدية أهديت لي، فهلا جلس في بيت ابيه وامه حتى ينظر أيهدى له شيء أم لا؟ والذي نفسي بيده لا يأخذ احدكم شيئا بغير حقه الا لقي الله يحمله يوم القيامة...».

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك