عن الحقيقة التاريخية لأصالة أهل البصرة العربية.. يكتب محمد الشيباني

زاوية الكتاب

كتب 687 مشاهدات 0


القبس

عجم بملابس إنكليز...!

د. محمد بن إبراهيم الشيباني

 

الإغارات الفارسية على البصرة قديمة جداً، ذكرها الرحالة والمعتمدون السياسيون والتجار من الذين يجوبون هذه المنطقة، يذكر الرحالة أبرهام بارسونز الأسكتلندي في رحلته من حلب إلى الخليج العربي (1775-1774م) أنه في يوم الأحد 9 من أبريل هجم الفرس على البصرة ليلاً، يقول: «تم إيقاظنا من النوم وأبلغنا أن الفرس انقضوا على الأسوار وتسلقوها من خمسة أماكن مختلفة مع أن الظلام كان حالكاً».
وفيما ذكره أن البصرة كان لها أسوار عالية. يقول: إن الوكيل وكل رجال الوكالة نهضوا على الفور، وبذلوا كل ما بوسعهم للتوجه نحو مصب الشط، وهناك يقول، ونحن في طريقنا كانت النساء يلقين الطوب والأحجار علينا من سطوح المنازل، وطلبنا منهن بالعربية أن يكففن عن ذلك، وأظهرنا أننا إنكليز وليس فرساً، وكان الرد: «كذابون، أنتم عجم بملابس إنكليز»!
هذه هي الحقيقة التاريخية لأصالة أهل البصرة العربية، تمثلت في جهاد رجالها بالسلاح ونسائها بالحجارة عندما ضربن الانكليز ظنا منهن أنهم فرس! ومعلومة التظاهرات التي خرجت في البصرة قبل شهر تندد بدخول الفرس، وتطالب الحكومة بإخراجهم حالاً، ولكن، ولأن هناك البعض في الحكومة من يتعامل معهم أحزاباً وشخصيات يأخذون منهم الأوامر والولاء، كان بقاؤهم ومازال في البصرة العراقية العربية الصميمة. هذه الحوادث جرت أيام هيمنة الدولة العثمانية العليا على العراق والشام وسائر الأوطان والديار العربية وغيرها، وتواطؤ متسلم البصرة الشيخ عبدالله مع حاكم بلاد فارس كريم خان الزند (79-1750م).
في هذا الوقت، وفي الجانب الآخر، وهي القرين (الكويت) يذكر الرحالة أبرهام في صفحة 150، قائلاً «وعند الساعة الواحدة بعد الظهر، توقف أسطولنا حينما صدرت الأوامر بإصلاح مراكب الباشا (الشيخ عبدالله) عند القرين، وهي مدينة وميناء على الجانب العربي من الخليج، مستقلة عن البصرة، تبعد عن البر نحو ستين ميلا إنكليزيا.
في هذا دلالة على أن دولة الخوالد، وهي تمتد من الأحساء إلى أم قصر ليست خاضعة عسكريا للدولة العثمانية، وإنما كان ولاؤها معها، ومعلوم بأن الخوالد في هذا التاريخ (75-1774م)، وهي السنة التي زار فيها أبراهام المنطقة قد تسلم العتوب فيها قبل ثلاث وعشرين سنة (1752م) الحكم بالاتفاق مع الخوالد، الذين تركوا للعتوب حكم الكويت أيام سليمان بن محمد آل حميد (1752-1736م) وهذه السنة (75-1774م) كان أميرها الشيخ عبدالله (الأول) بن صباح العتبي، وكانت فترة حكمه من (1229-1176هـ =1813-1762م).
هذه معلومات مستفادة من هذه الرحلة وحوادثها، وحنانيك هكذا يكتب التاريخ بحوادثه، وما سطره الرحالة والمبعوثون إلى هذه الديار، وما خفي في الماضي على الأوائل ممن كتبوا تاريخ الكويت أو البصرة أو الدول الأخرى ظهر ومازال يظهر عندما تترجم لنا هذه الرحلات والسجلات، وعندما يعثر المختصون على المجلات الدورية وغيرها التي دونت المراحل الماضية بعجرها وبجرها. والله المستعان. 

• سور البصرة.
المعلوم في كتب التاريخ أن أول من سوّر البصرة هو الخليفة الراشد الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، واستمر الأمر بعد ذلك إلى التاريخ الذي ذكره أبراهام بارسونز.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك