دول الخليج في طريقها إلى الانكماش في مقامها الفريد في دبلوماسية النفط.. برأي عبدالله بشارة
زاوية الكتابكتب ديسمبر 13, 2015, 11:57 م 852 مشاهدات 0
القبس
قمة الرياض.. وهموم النفط
عبدالله بشارة
تابعت مداولات قمة الرياض من قاعة المؤتمر كأحد المدعوين، وشهدت التحضير الممتاز الذي تميز به هذا المؤتمر في إعداد الوثائق، ورسم خطة تنفيذية للقرارات التي اتخذت، ولم يتم تنفيذها لمسببات كثيرة، اعتماداً على أن الانتهاء من معلقات السوق الخليجية المشتركة، وتعقيدات مراكز الحدود، مع مرجعية جديدة في التحكيم القضائي، سيأخذ مجلس التعاون إلى مسار جديد يؤسس لانطلاق المجلس نحو الاتحاد.
كانت شكوى الدول الأعضاء تتعلق بالدعوة لاتمام متطلبات الاتحاد قبل مناقشة ما تم الاتفاق عليه سابقاً ولم ينفذ، وهنا تولت المملكة العربية السعودية الاعداد الجيد لجدول أعمال ينحصر في تجاوز المعلقات وحلها، تمهيداً للانطلاق المستقبلي.
وقد تفاعلت الدول الأعضاء مع ورقة المملكة، ورحبت بها لكي تكون المنصة المستقبلية للتحليق عالياً نحو فضاء الاتحاد.
هذه خطوة تريح الجميع، وتضع المسيرة على الخط السليم، وغير ذلك، جدد المجلس مواقفه السياسية السابقة تجاه اليمن وسوريا وفلسطين والارهاب والتعاون الاقتصادي العربي والعراق.
وكان بودّي أن تشكل القمة لجنة خليجية خاصة تتعامل مع تعقيدات النفط، الذي دخل الآن مرحلة الثورة التكنولوجية النفطية في اتساع توظيف هذه التكنولوجيا لاستخراج النفط الصخري، وتخفيض كلفته وتعميم فوائده دوليا، وإضعاف قوة الخليج الاستراتيجية ومنزلته النفطية، وسحب التميز الذي تتمتع به دول الخليج، والناتج من احتكارها السلعة الفريدة في حياة البشر.
عشت شخصياً خلال عملي في الأمم المتحدة، عنفوان النفط وقوة التسلط، التي يملكها في أعقاب حظر النفط إثر حرب أكتوبر 1973، وشهدت ما أصاب العالم من فزع، ومن إصرار من قبل واشنطن على التخلص من السطوة الخليجية النفطية، التي سببت قلقاً أمنياً لدى عواصم النفوذ في أميركا وأوروبا.
يدور الزمن ونرى انهيار أوبك بعد فقدان مركزها في إدارة دبلوماسية النفط في الانتاج والأسعار.
دول الخليج ستفقد رصيدها الاستراتيجي في المحافل الدولية، وفي المؤسسات المالية العالمية، وسيتأثر موقعها في سلم الاستراتيجية العالمي، وتصاب حيويتها ونفوذها في عالم الدول النامية مع انخفاض حجم المساعدات اقليمياً وعربياً ودولياً، وستتقلص المعونة الانسانية التي تلتزم بها دول الخليج.
والحصيلة أن عيون الأمل الناظرة نحو الخليج ستصاب بخيبات، وستدخل دول الخليج في محيط آخر غير مألوف في البحث عن تخفيض المصروفات وتقليص المشاريع، والحد من استقبالات لجاليات وافدة، ووضع سقف للمصروفات يتناسب مع الدخل.
دول الخليج في طريقها إلى الانكماش في مكانتها الاستراتيجية، وفي مقامها الفريد في دبلوماسية النفط، انتاجا وأسعارا، كان وضعها السابق شبيه بمؤسسة مالكة السلعة النادرة، حيث تديرها وفق قناعاتها ومصالحها.
كانت أميركا عام 1993 تستورد %27 من استهلاكها من نفط الخليج، انخفض في عام 2010 إلى %18، مع استمرار الانخفاض، والسبب التحرر من الفوضوية الاقليمية، ومن قبضة سلاح النفط.
تبدلت الأحوال، ولا مفر لدول الخليج من استخلاص متاعب العبور من ندرة النفط إلى فيضانه.
تعليقات