الصراعات ظهرت نتيجة ايديولوجيات بشرية حاولت تفريغ الدين من محتواه الاساسي .. معتقداً عرفان أمين

زاوية الكتاب

كتب 560 مشاهدات 0


التعايش.. أم التسامح؟

أطلق خروتشوف مصطلح التعايش السلمي المعني بانتهاج سياسة قبول الآخر وتشجيع لغة الحوار والتفاهم والتعاون بين الشعوب إبان انتهاء الحرب العالمية الثانية.
كلمة «التعايش» Coexistence أرقى من «التسامح» Tolerance التي تعني قبول الآخر، لكن توحي بارتكاب الآخرين خطأ ما ومُسامحتهم رغم ذلك.
من منطلق عيشنا المشترك على هذه الكوكبة المعطاءة بتضاريسها الخلابة الى تكامل مواردها وتكاتف منابعها الطبيعية لخدمة الإنسان تبرز حاجتنا الملحة لإرساء قيم إنسانية منظمة للعلاقات البشرية لمنع استخدام القوة والعنف، لفرض المبادئ والمعتقدات الشخصية على الآخرين، قيم تحول دون تحوّل تنوعنا الطبيعي الى خلافات تعصف بنا، فالثورة التكنولوجية وفرت وسائل التواصل والتعارف التي قربت الناس باختصار المسافات وتسهيل الاستزادة بالخبر والمعلومة لتجعل العالم اشبه بقرية صغيرة، ممهدة الطريق للتعايش السلمي، فظهور الصراعات كان نتيجة ايديولوجيات بشرية حاولت تفريغ الدين من محتواه الاساسي المتمثل في تربية الانسان وابعاده عن التعصب والكراهية بزرع بذور المحبة والايثار وترسيخ مبادئ التعايش المشترك والاحترام المتبادل في النفوس، لكن تناسي جوهر الدين واستخدامه للاستحواذ على الجاه والمال بدمجه في الصراعات المتزايدة وبث الكراهية وتجييش العنصرية وسعت هُوة الانشقاق بين الشعوب، متناسين ان النزاعات المذهبية والقومية والعرقية المتطرفة تنسف الاستقرار وتدمر النسيج الاجتماعي وتخلق مجموعات، تحمي مصالحها بمعاداة الآخرين.
الانسان اجتماعي بطبعه ولا يمكنه العيش وحيدا من دون الاختلاط بالمختلفين عنه دينا وعرقا ومذهبا، فالعملية التبادلية ضرورة بشرية يصعب تجاهلها، لكن بإمكاننا التوافق حول الاهداف المشتركة المبنية على ارضية صلبة من الاحترام والتعاون، للعمل معا لخير الانسانية بغرس مبادئ المحبة وتقبل الآخر المختلف عقيدة ولونا وشكلا، فجميعنا بشر متساوون في الحقوق والواجبات، كما قال سبحانه في الكلمات المباركة المكنونة «يا أبناء الإنسان هل عرفتم لم خلقناكم من تراب واحد، لئلا يفتخر أحد على أحد. وتفكروا في كل حين في خلق انفسكم، إذا ينبغي كما خلقناكم من شيء واحد ان تكونوا كنفس واحدة»، فالتعايش ليس تنازلا عن المعتقد او المساومة على المبادئ، وإنما احترام معتقدات الآخرين والعمل معاً لتنمية المجتمع وازدهاره، بدلاً من التناحر وسفك الدماء.
بناء مستقبل مشرق يتم بتجاوز الخلافات المبددة للثروات، وبنشر مبادئ التعايش لتأسيس الوحدة والسلام اللذين يستحيل تحققهما بوجود التعصبات العرقية والفئوية والمذهبية، بل بالإدارة الحضارية لهذا التنوع، فالتحدي هو تطوير هذه الثقافة ومحاربة العنف والتعصب وتشجيع الانفتاح الفكري، وهذا يتأتى بتنمية مهارات التفاهم وبناء فضاءات للحوار مع الآخر وتقبله وجودا ورأيا وحقوقا.
هناك من الناس من يخالفني العقيدة والفكر ولكنه على خُلق وفضيلة مشهودين، فلم الظن بأن عقيدتي هي الأفضل؟!
عرفان أمين

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك