الناس أصبحوا سجناء لهواتفهم.. يكتب علي البغلي
زاوية الكتابكتب نوفمبر 29, 2015, 11:42 م 1178 مشاهدات 0
القبس
جرة قلم - بكينا لبكائكم!
علي أحمد البغلي
رئيس مجلس إدارة شركة نوكيا الفنلندية، التي كانت ملء العين والبصر في مجال تقنية اتصالات الهواتف المتنقلة لسنين طوال، ألقى في كبار موظفي شركته خطاباً وداعياً مؤثراً، بمناسبة بيع الشركة التي كانت تساوي عشرات المليارات بـ2 مليار دولار لشركة مايكروسوفت الأميركية.
الرئيس السابق لنوكيا قال اننا لم نجار الزمن فتجاوزنا الزمن، وهذه هي النتيجة، فبكى وأبكى الحضور معه لكلماته المؤثرة، التي كان يقصد فيها أن شركة نوكيا لم تجار التكنولوجيا الحديثة في الهواتف النقالة، التي قادتها شركات، مثل «أبل» و«سامسونغ»، اللتين استولتا على سوق الهواتف النقالة في العالم أجمع من أقصاه إلى أقصاه، تاركة من لم يستطع مجاراة ومنافسة أنظمتها في الهواتف اللمسية والتطبيقات والبرامج الجديدة المبتكرة في الخلف يندب حظه التعيس!
***
وأنا شخصياً أترحم على أيام هواتف نوكيا ذات الأزرار.. فقد كنا نستخدمها للاتصال الهاتفي، وعلى حد قول احد الإخوان حدي SEND.. أي الضغط على زر «أرسل»، وEND أي الضغط على زر «إنهاء» المكالمة!.. وكانت عندنا خدمة الرسائل النصية، وكان هناك تطبيق لإرسال الأفلام، ولكنه لم يكن شائعاً.
وكنا نقود سياراتنا ونحن ننظر للأمام وليس للشاشة، لأنه حتى لو كنا نستخدم الهاتف بالاتصال أو الرسائل النصية، فنحن نحفظ أزرار الأرقام والحروف، ولم يكن هناك داع للنظر إليها.
كنا ننظر لوجوه بعض في الأماكن العامة، وفي المجالس الخاصة، وفي الزيارات الرسمية العائلية، وكنا نتبادل الأحاديث والمجاملات لكي يمضي الوقت، كنا نمشي ونحن ننظر للأمام والى الجوانب، نرى من يسير ويشاركنا المشي، وبالاختصار كنا نعيش زمن ترابط اجتماعي جميل وآمن مع هواتفنا النقالة.
***
أما الآن وفي ظل هواتفنا النقالة الحديثة، التي اقتناها الكل من الطفل إلى العجوز، أصبحنا لا ينظر بعضنا الى بعض عند إشارات المرور، بل ننظر الى الهاتف! وأصبح بعضنا لا ينظر الى الطريق الذي يخيل لك رغم خطورته أنه يحفظه، كما كنا نحفظ أماكن أزرار الأرقام والحروف، أصبحنا نبتسم ونزعل ونؤشر ونومئ بأيدينا ووجوهنا، ونحن لوحدنا، لانشغالنا بهواتفنا النقالة؟!
ندرت إدارة الحديث بيننا في المجالس والأماكن العامة والخاصة لأننا منشغلون بالهواتف وشاشاتها! نبتسم ونعيش لها ولوحدنا، وكأن بنا مساً من جنون!
أصبح البعض منا لا يذهب الى مطعم أو مكان خلاب أو خلوي أو احتفال، إلا وانشغل طوال الوقت بتصويره لإرساله للأهل والأحباب بدلا من الاستمتاع بالأكل أو ما يحيط به من مناظر وبشر!
بالاختصار اختزلنا كل حياتنا وسكناتنا وفرحنا وحزننا بهذه الهواتف النقالة الذكية ــ اللعينة في نفس الوقت، فهل تلوموننا إذا ما شاركنا رئيس مجلس الإدارة السابق لشركة نوكيا بكاءه، وشاركناه الحزن على ماضي هواتفنا النقالة الجميل؟!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
• هامش:
قول جديد في الهواتف النقالة:
أخيراً عرفت لماذا يقال ان الناس أصبحوا «سجناء» PRISONERS لهواتفهم، لأنها سميت باللغة الانكليزية CELL PHONES أي هواتف «القفص»!
تعليقات