الخطة التنموية الحكومية كما يراها يوسف حجي اهتمت بالحجر وتغافلت عن العقول
زاوية الكتابكتب أكتوبر 19, 2015, 12:09 ص 427 مشاهدات 0
النهار
قلم جاف - التنمية الكويتية إلى أين ؟
يوسف حجي
إن مقياس تقدم البلاد والمجتمعات مرتبط ارتباطا وثيقا بما تحققه تلك البلاد من تطور وتحديث يبنى على استراتيجية تنموية مستدامة تبدأ بالانسان والارض والبيئة وتشمل مختلف نواحي الحياة وتستهدف الارتقاء بالعنصر البشري اولا والتنمية الطبيعية ثانيا.
والحديث عن التنمية واهميتها في تقدم الدول وازدهارها، يدفعنا الى النظر في خطة الحكومة التي طرحتها قبل اكثر من خمس سنوات ورصدت لها مبالغ فاقت المئة مليار دولار والنتيجة دون الطموح.
ووفق هذه المعطيات يتساءل المواطن ماذا حققت هذه الخطة المليارية التي طبلت لها الحكومة وزمرت؟ فإذا نظرنا الى البنى التحتية نجد ان ثمة ترهلا يتوزع على مساحة جغرافية الكويت ابتداء من الطرقات وازمتها المرورية التي باتت تشكل الهاجس اليومي للمواطن والمقيم، ومرورا بالمنشآت الطبية التي لم يبن منها منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي سوى مستشفى يتيم ولم يفتح الى هذه اللحظة، ناهيك عن المؤسسات التعليمية ومبانيها المتهالكة ومخرجاتها التي لم يستفد منها الوطن سوى القليل، ولو عرجنا الى الرياضة ومنشآتها وكوادرها لتبين لنا انها لا تقل عن مثيلاتها التي تعج بالمشاكل وتردي الخدمات فيها.
وبالتحليل فان الخطة التنموية الحكومية بتفاصيلها لم تعط التنمية البشرية حقها بل همشت وذهبت بعيدا في محاولة منها الى بناء الحجر وتغافلت عن بناء العقول التي هي عماد التنمية وثروة الوطن الحقيقية.
وحتى لا نُتهم بالتجني على الحكومة وتصيد اخطائها، فاننا نؤكد ما اسلفناه سابقا، من خلال تقارير المجلس الاعلى للتخطيط الذي كشف عن نسبة انجاز الحكومة في خطتها التنموية في عام 2014 لم تتجاوز 52 في المئة، واذا ما اضفنا الى هذه النتائج تقارير الكويت للتنافسية 2014/2015 الصادرة عن لجنة الكويت الوطنية للتنافسية، والتي اشارت الى انخفاض موقع الكويت في مؤشر التنافسية العالمية من المرتبة 35 الى المرتبة 40 خلال السنوات الخمس الاخيرة، علما بان التصنيف يتضمن 144 دولة، وما يميز هذا التقرير، هو اضافة فصلين جديدين احدهما متعلق بجودة بيئة الاعمال في الكويت، والآخر في تحليل اسباب طول الدورة المستندية والتعقيدات الحكومية وسوء اداء بعض الاجهزة وما تشكله من عائق في تحقيق خطة التنمية.
من هنا نستطيع ان نقول ان الخطط التنموية التي بشرتنا بها الحكومة لم تترجم الى واقع عملي ملموس وفق المعايير الصحيحة التي تعتمد على اشراك القطاعات الفاعلة في الوسط الجغرافي المحلي، واستحداث نظم ومؤسسات للشراكة، ودراسة المجال المحلي وتحليله، ووضع برامج عمل على هذا الاساس، والتخلص من مركزية قرارات التنمية وكل ذلك ادى الى ضعف في مستوى التنفيذ.
وفي النهاية وقبل الشروع في ادراج الخطط التنموية كمفهوم تنموي لاستراتيجية الدولة لتنفيذ مشروعاتها التحديثية علينا ان ندرك ان تحقيق التنمية المستدامة لن يتم الا في اصلاح منظومة الاجهزة الحكومية وقوانينها ومواكبتها لمعايير الجودة في الدول الحديثة.
تعليقات