'ساذجة'.. هكذا يصف فهيد البصيري دعوات الذهاب إلى الجهاد في سورية

زاوية الكتاب

كتب 1658 مشاهدات 0


الراي

حديث الأيام  -  الدب الروسي.. والحمار الأميركي

د. فهيد البصيري

 

كلنا متعاطفون مع الشعب السوري، ونستنكر ونشجب بل ونمقت التدخل الروسي في سورية، ولكن الحل لا يكمن في الدعوات الساذجة للذهاب إلى الجهاد في سورية، وليس بتسخيف الموضوع وتسطيحه وكأن الأمر حرب كفار ومسلمين، فالموضوع معقد ويحتاج إلى عقول كبيرة وليس إلى لحى طويلة!

والبسطاء معذورون لو نادوا بالجهاد فهم عامة، أما أن تصدر دعوة الجهاد من هيئة كبار العلماء كما يُشاع، فهذه خطوة ليست محسوبة وإن كانت محسوبة فهي محسوبة عليهم.

وعموماً يبدو أن نغمة الجهاد موضة آخر الزمان فمن يتصور أن بضعة أشخاص هنا أو هناك يطلقون النفير مع أنهم لا في العير ولا في النفير، ولا أدري كيف هداهم تفكيرهم الساذج إلى هذه النتيجة التي (ستوديهم وتودينا في داهية)، ثم نجاهد ضد مَنْ؟، ومع مَنْ؟، وأين سنجاهد؟، وكيف سنجاهد؟، وهل سنجاهد في صفوف «داعش» أم «النصرة» أم «القاعدة» أم مع الغرب ضد روسيا أم إيران؟!

أما من يتصور بأن سورية ستكون أفغانستان ثانية بالنسبة للروس فإنه لا يعرف (كوعه من بوعه)، ولا يعرف ماذا يدور في المنطقة، ولا يدري أن المشكلة ليست مشكلة سورية بل مشكلة الشرق الأوسط برمته، وكما قلت وقلت لكم سابقاً إن الغرب وإسرائيل يخططان لشرق أوسط جديد مقسم على أسس طائفية، وهم يستدرجوننا إلى حرب طائفية تسهل عليهم المهمة، والدول المشاركة في الحرب لم تدخل للقضاء على «داعش» كما يفبركون بل دخلت ولكل دولة دوافعها الخاصة، والوضع اليوم لا يمكن مقارنته بحرب أفغانستان التي مازالت تحترق حتى اليوم، والسبب أن ميزان القوى الدولية تغير، وأولويات الولايات المتحدة تغيرت، والظروف الاقتصادية المتغيرة تفرض نفسها على دول العالم، والظروف الدولية اليوم مختلفة تماماً عن ظروف الثمانينات عندما كان الاتحاد السوفياتي شيوعياً، فقد عاد إلى الرأسمالية والصراع اليوم أصبح رأسمالياً رأسمالياً.

وحتى نفهم المتغيرات الجديدة في المنطقة وباختصار ومن دون لف ولا دوران، فإن التدخل الروسي قلب حسابات الدول الغربية في المنطقة رأساً على عقب، وما كانت تحلم به الدول الغربية هو الإبقاء على «داعش» وتوسيع رقعتها لتشمل سورية، ولكن الروس فهموا اللعبة وأمسكوهم من اليد التي (توجعهم)، فروسيا تعرقل المشروع الغربي بإعادة تقسيم المنطقة على مزاج الغرب وعلى حساب حلفاء الروس من البعثيين، والهدف الآخر هو قطع الطريق أمام إقامة منطقة حظر جوي للمعارضة، وفي النهاية الضغط على أوروبا للتنازل عن دعم أوكرانيا، بالعربي قال الدب الروس للحمار الديموقراطي الأميركي (كش ملك).

فالحرب الدائرة ليست حرباً شيعية سنية، وليست حرباً إسلامية شيوعية كما يروج أهل الزفير والزحير، بل هي حرب دولية بالوكالة نحن وقودها، وقد تتحول إلي حرب دولية مباشرة، ليس للدول العربية ولا الخليجية القدرة على مجاراتها ولا حتى التفكير بالتورط فيها، فإن كانت قلوبكم يا معشر المجاهدين الباحثين عن التبرعات على الشعب السوري، فعلى الأقل أقنعوا دولكم باستقبال اللاجئين السوريين بدلاً من تركهم للمحرقة الروسية، ولا تعولوا على العالم العربي لأنه كان يعيش خارج الزمن ولذا فهو اليوم خارج اللعبة السياسية نهائياً.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك