عن التدخل الروسي في سوريا يكتب عبدالعزيز الكندري
زاوية الكتابكتب أكتوبر 6, 2015, 12:15 ص 779 مشاهدات 0
التدخل الروسي... خلط الأوراق
ربيع الكلمات
عبدالعزيز الكندري
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعلى منبر الأمم المتحدة قبل أيام طرح مبادرة وحلاً للأزمة السورية الدائرة منذ أكثر من أربعة أعوام، تبدأ بالحرب على «داعش» عبر النظام السوري الحالي، على عكس ما قاله الرئيس الأميركي أوباما بنفس المكان وهو يصف بشار الأسد بـ «الطاغية، قاتل الأطفال ومهجر شعبه»، وقال الرئيس الروسي بوتين «إن الذين يهدفون إلى تدمير الحكومة الشرعية في سورية سوف يخلقون وضعاً رأيناه في دول أخرى من المنطقة، مثل ليبيا التي قوضت مؤسساتها، أو مثل العراق الذي حل الاجتياح الأميركي جيشه وسرح أفراده، الأمر الذي دفع بآلاف العناصر إلى الانخراط في المنظمات الإرهابية».
وقال وهو يقصد الوفد الأميركي: «إن شعوب الشرق الأوسط أرادت التغيير بطبيعة الحال، ولكن هل تدركون ماذا فعلتم؟ لا أتوقع إجابة منكم. وإنما أقول إن الفراغ في السلطة أدى إلى تفشي الإرهاب والتطرف».
ورد الرئيس الأميركي أوباما أن بلاده ستعمل في المستقبل على تجنب الأخطاء التي ارتكبتها في أماكن أخرى مثل ليبيا والعراق، ولكن هذه الأخطاء في بعض الدول التي حصل فيها عدم استقرار، لا تُقاس بسجل الأخطاء المميتة التي ارتكبها الأسد الذي قال عنه «الديكتاتور الذي قتل عشرات الآلاف من شعبه بالسلاح الكيماوي والقذائف العشوائية».
ولكن من الواضح بأن التدخل الروسي بهذه الطريقة خلط الأوراق من جديد، وزاد من ضبابية المشهد الناتج عن التردد الدولي في إيجاد حل للقضية والأزمة السورية، والذي سيطيل عمر النظام أكثر، وهو تفكير روسي مبكر بمرحلة ما بعد الأسد، حيث إن النظام كان على وشك الانهيار، ولم يصمد أمام ضربات المعارضة المتكررة، ولم تنجح فكرة جلب المرتزقة من الخارج للحرب بالوكالة عن النظام تحت غطاء ديني في بعض الأحيان...، فكل محاولات إسعاف النظام باءت بالفشل، حتى جاءت الطائرات الروسية، وذكرت قيادة حلف شمال الأطلسي «الناتو» أن الرئيس الروسي أدخل العالم في أجواء حرب باردة ربما تزعزع أسس السلام العالمي، وتمهد للدخول في مرحلة بالغة الخطورة.
إن التدخل الروسي الجديد حسم أي محاولة لحل الأزمة السورية، وبذلك سحب البساط من المجتمع الدولي أو حتى من حلفاء النظام السوري نفسه، وبذلك يكون هو صاحب المبادرة واليد الطولى، مع توفير منطقة آمنة صغيرة للنظام السوري تعطيه أكسجين أكثر للبقاء، ولن تسمح بالحسم السريع، وستقوي موقع الجيش السوري المنهك من الحرب ومن ضربات المعارضة، ولا ننسى الحماية الديبلوماسية والفيتو الروسي الذي سيكون في كل موقف لا يعجب ولا يريده الروس.
ولكن يبقى السؤال هو هل التدخل الروسي يضعف «حزب الله» أم سيقويه؟ من المبكر الإجابة عن هذا السؤال، ولكن التدخل الروسي يعتبر اختراقاً لهذا الهلال الذي تمزق على يد «داعش»، خاصة وأن موسكو رتبت وعملت غرفة عمليات مع إسرائيل قبل الضربات التي وجهتها ولتنسيق الجهود، وأنها حريصة على أمن إسرائيل.
الكل الآن يتحدث عن الحرب على «داعش» فالروس يقولون هذا الكلام، ولكن الجرحى غالبيتهم من الأطفال والمدنيين والجيش السوري الحر، والضربات على بعد كيلو مترات من مواقع «داعش»، وضرب الأماكن الحيوية مثل المستشفيات وكأنهم يمهدون لأمر ما، وكذلك المجتمع الدولي يذكر ذات السبب، ولكن دون وجود جدية حقيقية في الحرب على «داعش»، وهل المجتمع الدولي يريد الوضع على ما هو عليه بمعنى عدم وجود غالب ولا مغلوب؟... نحن أمام قصة ومرحلة جديدة وقد تكون حجر الزاوية في مقبل الأيام، ولكن تردد المجتمع الدولي عن حل القضية السورية هو الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه.
تعليقات