الجادون في تنمية البلد لا يحصلون على التشجيع المطلوب!.. وائل الحساوي مستنكراً

زاوية الكتاب

كتب 486 مشاهدات 0


الراي

نسمات  /  تنويع مصادر الدخل.. سهلة!

د. وائل الحساوي

 

في جوابي عن سؤال لأحد الصحافيين عن البدائل للنفط التي ندندن حولها منذ عشرات السنوات دون ان نجد اي تطبيق عملي لها، فقد كان جوابي مرتكزا على قضيتين اساسيتين دون التشعب في الاجوبة:

الأولى: هي الصناعات البتروكيماوية، وهي ببساطة تحويل النفط من المادة الخام التي تتم حاليا تعبئتها في براميل كبيرة ثم بيعها في الخارج، الى منتجات نهائية، ولا نبالغ اذا قلنا إن اكثر من 40 في المئة من الصناعات في العالم هي صناعات بتروكيماوية، تبدأ بأصغر شيء وتصل الى الصناعات الكبيرة، من المشط الى الأواني المنزلية الى الاثاث الى هياكل السيارات والطائرات، بالاضافة الى مشتقات الوقود المختلفة، الى الغذاء!

وما يميز تلك الصناعات البتروكيماوية هو رخصها، فالنفط متوافر لدينا وكل ما نحتاجه هو توفير الآلات والمعدات لتصنيع تلك المنتجات وتسويقها.

اذكر بأني خلال فترة دراسة الدكتوراه قمت بشراء ماكينة مستعملة لتصنيع البلاستيك في بريطانيا، كلفتني اقل من 4 آلاف جنيه استرليني، وما يميز هذه الماكينة هو ان تغيير القالب فيها يمكنك من تصنيع اي شيء تريده بعد ضخ كميات من البلاستيك فيها، والذي يباع على شكل حبيبات صغيرة تتم اذابتها لتتشكل بالشكل المطلوب.

وما إن شحنت تلك الماكينة الى الكويت حتى تفضل جيش صدام حسين بسرقتها وشحنها الى العراق!

بالطبع فان الكويت لم تهمل موضوع الصناعات البتروكيماوية، وانما اسست شركة البترول الوطنية وشركة البتروكيماويات وغيرهما من الشركات التي تهتم بتصنيع المشتقات البترولية واستخدامها او بيعها للخارج، ثم قامت بتوقيع عقد مشروع الوقود البيئي قبل فترة بسيطة وهو من اهم المشاريع واضخمها والذي سيزيد من القدرة التكريرية لمصفاتي الاحمدي وميناء عبدالله الى 800 ألف برميل يوميا ويكلف 4.6 مليار دينار.

وسيوفر ذلك المشروع انتاج مواد بترولية عالية الجودة وصديقة للبيئة، ويدر دخلا كبيرا على الكويت بدلا من الاعتماد على تصدير النفط الخام فقط، والذي وصل سعره الى اقل من اربعين دولاراً !

كما ان مشروع المصفاة النفطية التي اسستها الكويت في فيتنام والتي تصتل طاقة تكريرها الى 200 الف برميل يوميا - كما اعتقد - هو مشروع ناجح، ولكننا بحاجة الى التوسع في هذه الصناعات وغيرها.

ثانيا: السعي لتحقيق الأمن الغذائي من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الزراعة والثروة الحيوانية والاسماك، وقد تم تقديم العشرات من الدراسات في هذا المجال، وآخرها تقرير المجلس الأعلى للتخطيط بتاريخ 9/ 6/ 2015 حول ذلك الموضوع، ولكن الواقع يشير الى حجم التخبط الذي تعانيه الكويت في ذلك المجال،إذ يتم استغلال الأراضي الزراعية وأماكن تربية المواشي التي توزعها الدولة بالمجان على المواطنين، ثم ترى الغالبية من الناس تحويلها الى منتزهات للعائلة واستراحات، بينما يتم وأد جميع مشاريع الأمن الغذائي.

حتى المواطنون الجادون في تنمية البلد وتوفير المطلوب فإنهم لا يحصلون على التشجيع المطلوب، بل ويوضع في طريقهم كثير من العراقيل من اجل تطفيشهم من المهنة!

قارن ذلك بالتشجيع الذي يتلقاه المزارعون ومربو الحيوانات في السعودية والذي نراه من خلال المنتجات الكثيرة التي تغزو اسواقنا بينما لا نكاد نشاهد الا اقل القليل من المنتجات الكويتية، والسبب هو ان مزارعنا شبه خاوية من الزراعة ومن الثروة الحيوانية، وكأنما اصبحنا مثل الذي طلب منهم الملك سكب علبة من الحليب في الحوض ليلا لكي يكون لهم رصيد من الحليب، فقام كل مواطن بسكب علبة ماء بحجة ان غيره سيقوم بذلك الفعل، ولما استيقظوا في الصباح وجدوا الحوض مملوءاً بالماء!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك