عن مداهمة مفاهيم الثقافة السياسية!.. تكتب ندى المطوع

زاوية الكتاب

كتب 471 مشاهدات 0


الجريدة

مداهمة الثقافة السياسية

د. ندى سليمان المطوع

 

كلما تزايدت بوادر الفكر المتطرف وأحداث العنف تصاعدت كلمات وآراء مطالبة بتقييم الثقافة السياسية للنشء واختبارها في منطقة الخليج، وكما ضاقت الحيل أمام المختصين والمهتمين لإيجاد تفسير وتحليل مناسب لانتشار العنف اللفظي والفكري، ضاقت الحيل أيضا أمام علماء السياسة والاجتماع، فاختلطت الأدوات التحليلية بأنواعها البنائية والواقعية والمثالية وغيرها، واتجهت نتيجة لذلك الأنظار للعلوم الأخرى كعلم الإدارة والاجتماع وعلم النفس لاستعارة النظريات وخلق تطعيم أو كما يسمى حديثا «fusion» بين العلوم المختلفة كوسيلة لإضفاء نوع من الواقعية، عبر الاقتراب من الفرد والمجتمع، وفهم أسباب انتشار العنف بأنواعه. والأمر ليس بجديد، فمنذ زمن قديم والثقافة السياسية محل خلاف، وذلك عندما شعر علماء السياسة بالحاجة لأنساق تحليلية جديدة، إذ اقترح البعض إقحام الثقافة السياسية ضمن الأدوات التحليلية، ولكن لم يكن هناك وضوح في الرؤية تجاه دور الثقافة في تحليل اتخاذ القرار أو السلوك أو حتى اللجوء إلى أعمال العنف والشغب.
وامتد الخلاف «العلمي» والاختلاف في وجهات النظر إلى العلماء والباحثين أيضاً، فاختلفوا حول تصنيف الثقافة السياسية، فهي كما يراها الباحث «لوشيان» مجموعة المشاعر والمعتقدات والاتجاهات التي تؤثر تأثيرا مباشرا في تصرفات الأفراد تحت مظلة نظام سياسي معين، أما الباحث «باي» فيراها مرتبطة بالمثل والمعايير التي تؤثر ويتأثر بها المجتمع، ويأتي باحث آخر وهو «روي» ليضيف محورا جديدا وهو الفردية في التأثر وبناء المواقف تجاه الأحداث.
 واليوم نشعر كباحثين في مجال التحليل السياسي أن علينا التوقف أمام عودة موضوع الثقافة السياسية إلى الساحة العلمية والإعلامية، وتأثر كتاب المقالات والباحثين بالأحداث الأخيرة سواء كانت تفجير دور العبادة أو تحدي القوانين الأمنية ومخالفتها في العديد من العواصم الخليجية أخيرا، فالأحداث مرتبطة بانتشار ثقافة العنف والسلوك العدواني، وتحدي مكونات الثقافة السياسية من أيديولوجيا وهوية الانتماء السياسي.
 لذا نتلمس الحاجة إلى تحفيز الباحثين من الشباب الخليجيين على اقتحام أو «مداهمة» مفاهيم الثقافة السياسية والبدء بالمراحل الابتدائية في مؤسساتنا التربوية بأنماطها الحكومية والخاصة، وإجراء استقصاء بالطرق الإحصائية السليمة بالإضافة الى المقابلات الشخصية حتى لا نقع في فخ الأرقام، للتعرف على جهودنا في بناء الثقافة السياسية ونستشف مستقبل الأجيال القادمة ومدى ميولها إلى العنف أو السلام والحوار، وأقترح أن تتبنى الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي ذلك النهج، وأن تكلف مؤسساتها الإحصائية ذات الميزانية الضخمة للقيام بالدراسات الفاعلة.
وللحديث بقية.

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك