عن سيناريو الديمقراطية البناءة!.. يكتب خالد الجنفاوي
زاوية الكتابكتب أغسطس 25, 2015, 12:49 ص 372 مشاهدات 0
السياسة
حوارات / النوازع الشخصية الأنانية والديمقراطية
د. خالد عايد الجنفاوي
يتوقع العقلاء والحكماء من أولئك الذين يشاركون في أي عملية او ممارسة ديمقراطية أن يترفعوا عن نوازعهم وأهوائهم الشخصية الأنانية بقصد الحفاظ على مصالحهم العامة, ولكن وفق المنطق وما يحدث عادة في السياق الإنساني الطبيعي هناك أحياناً صعوبة نسبية في ترفع البعض عن نوازعهم الشخصي, وبخاصة عندما تكون الثقافة العامة في المجتمع لم تتشبع بشكل مناسب بثقافة قبول الاختلاف وحرية الرأي والتعبير المسؤولة والمواطنة الصالحة.
عندما يرفض عدد معين من الأشخاص الأنانيين قبول اختلاف الآخرين وربما يتضايقون من إصرار من يختلفون معهم على ممارسة حرية رأي وتعبير مسؤولة, فهذا يدل بشكل أو بآخر على سيطرة النوازع الشخصية الأنانية.
يشير مبدأ الترفع عن النوازع الشخصية السلبية والأنانية إلى نموذجية ديمقراطية من المفترض أن تتحقق في أي مجتمع ديمقراطي, فتتجلى بعض متطلبات التخلص من قيود النوازع الشخصية الأنانية في تكرس ثقافة الايثار والالتزام الديمقراطي ونظامية التفكير والمواطنة الحقة, بمعنى آخر, لا يمكن توقع ترسخ سلوكيات وتصرفات إيجابية تدل على تكرس ثقافة التنزه والترفع عن النوازع والأهواء والمصالح الشخصية الأنانية في المجتمع ما لم تتكرس فيه ثقافة المواطنة الصالحة. حين تضعف ثقافة المواطنة البناءة والصالحة بسبب تغلب خطاب المصالح الشخصية والانانية فستصبح الأهواء والنوازع الضيقة الرائجة في المشهد الاجتماعي العام, فبدلاً من رواج سلوكيات وتصرفات المواطنة الحقة والإخلاص في العمل والسلوك المدني المتحضر, قولاً وفعلاً, والسعي الى تحقيق الآمال والتطلعات الشخصية وفق معايير أخلاقية متعارف عليها ووفق مقومات واضحة, يطغى ما هو عكسها ونقيضها: الأنانية والشخصنة والعُنْجُهِيَّةُ.
عدم التفكير في مصالح الآخرين يتعارض مع الايثار الديمقراطي المتعارف عليه في عالم اليوم, فعندما يقبل أحدهم حقيقة أنه يتشارك مع مواطنيه الآخرين في مصالح مشتركة, فسيميل هذا النوع الديمقراطي من الناس إلى الترفع عن أهوائهم الشخصية التي ربما لا تتوافق مع أذواق وآراء ومواقف الآخرين.
هناك ضرورة لخلق توازن منطقي وديمقراطي بين الحفاظ على المصالح الشخصية المشروعة وبين الحفاظ على حقوق الآخرين, وهذا السيناريو الديمقراطي البناء سيتحقق فقط في حالة أن الفرد يؤمن ويدرك أن تنازله عن بعض نوازعه السلبية سيقابله تنازل الطرف الآخر عن نوازعه السلبية بهدف تحقيق مصالحهم المشتركة. ينسب للفيلسوف الفرنسي فولتير قوله: “أن تكون أنانياً يعني ألا تكون صالحاً لشيء”, فالأنانية تتناقض مع الثقافة الديمقراطية المتعارف عليها في عالم اليوم.
تعليقات